يصحّ القول بأنه خالق العالَم وصانعه، هذا خلف، وأن لا يكون الله تعالى مكوّناً للأشياء، ضرورة أنه لا معنى للمكوّن إلاّ من قام به التكوين، والتكوين إذا كان عين المكوّن لا يكون قائماً بذات الله تعالى٠[1]٠، وأن يصحّ القول٠[2]٠ بأنّ خالق سواد هذا الحجر أسود، وهذا الحجر خالق للسواد؛ إذ لا معنى للخالق والأسود إلاّ من قام به الخلق والسواد وهما واحد، فمحلّهما واحد، وهذا كلّه تنبيه٠[3]٠ على كون الحكم بتغاير الفعل والمفعول ضروريّاً، لكنّه ينبغي للعاقل٠[4]٠ أن يتأمّل في أمثال هذه المباحث, ولا ينسب إلى الراسخين من علماء الأصول ما تكون استحالته بديهيّة ظاهرة على من له أدنى تميّز، بل يطلب لكلامهم محلاًّ صحيحاً يصلح محلاًّ لنـزاع العلماء وخلاف العقلاء، فإنّ من قال: ½التكوين عين المكوّن¼ أراد أنّ الفاعل إذا
[1] قوله: [لا يكون قائماً بذات الله تعالى] لأنّ ½المكوَّن¼ بالفتح غير قائم بذات الله تعالى, والتكوين إذا كان عين المكوّن فلا يكون التكوين قائماً بذات الله تعالى. ١٢ "ر"
[2] قوله: [وأن يصحّ القول... إلخ] لأنّ المكوّن السواد الذي هو عين التكوين وهو قائم بالأسود خالقاً له ومكوّناً له؛ لأنّ ½المكوّن¼ من قام به التكوين, والتكوين لو كان عين السواد لكان قائماً بالأسود الذي هو نفس الحجر, فيكون الأسود خالقاً له، وكذا الحجر. ١٢ "ر"
[3] قوله: [هذا كلّه تنبيه] يعني: أنّ الحكم بالمغايرة بين التكوين والمكوّن بديهيّ, والبديهيّ لا يحتاج إلى الدليل, بل لا يجوز إقامة الدليل عليه, نعم! يحتاج في إزالة الخفاء إلى التنبيه, فالوجوه التي ذكرها الماتريديّة على غيريّة التكوين لا تصلح أن تكون دلائل, إنّما هي تنبيهات على ذلك الحكم البديهيّ. ١٢
[4] قوله: [لكنّه ينبغي للعاقل] تنقيد من الشارح على الماتريديّة, وتوجيه لِمَا نقل عن الأشعريّة. ١٢