خلافاً للمعتزلة حيث زعموا أنّ مرتكب الكبيرة ليس بمؤمن٠[1]٠ ولا كافر، وهذا هو المنـزلة بين المنـزلتين، بناء على أنّ الأعمال عندهم جزء من حقيقة الإيمان٠[2]٠. ٠ولا تدخله٠ أي: العبد المؤمن ٠في الكفر٠ خلافاً للخوارج٠[3]٠، فإنهم ذهبوا إلى أنّ مرتكب الكبيرة بل الصغيرة أيضاً كافر٠[4]٠، وأنه لا واسطة بين الإيمان و الكفر، لنا وجوه: الأوّل: ما سيجيء من أنّ حقيقة الإيمان هو التصديق القلبيّ، فلا يخرج المؤمن عن الاتّصاف به إلاّ بما ينافيه، ومجرّد الإقدام على الكبيرة لغلبة شهوة أو حميّة أو أنفة أو كسل خصوصاً٠[5]٠ إذا اقترن به خوف العقاب ورجاء العفو والعزم على التوبة لا
[1]قوله: [ليس بمؤمن... إلخ] فالكفر عندهم ليس عدماً للإيمان عمّا من شانه هو مطلقاً, ولا حصر فيهما للمكلّف وإنما الإيمان عندهم مجموع التصديق والطاعات المفترضة وترك المعصية, والكفر عدم التصديق صراحة أو دلالة, كذا يفهم من "المواقف". ١٢
[2]قوله: [من حقيقة الإيمان] أي: من مطلقه الذي تدور عليه النجاة من خلود النار, وأمّا عند الشافعيّ وغيره فليست جزء من نفسه, بل من كامله, أي: فرده التامّ, فلا يجب بنفيها نفي أصل الإيمان عنده, كذا في "النظم". ١٢
[3]قوله: [للخوارج] هم فرقة خرجوا على أمير المؤمنين عليّ كرّم الله تعالى وجهه الكريم. ١٢
[4]قوله: [أيضاً كافر] فإنّ الإيمان عندهم هو الطاعات بأسرها, فرضاً كانت أو نفلاً, كما في "المواقف". ١٢
[5]قوله: [خصوصاً... إلخ] وأمّا إذا لم يقترن به بأن عرضه الذهول والغفلة, لا بأن لاحظه ولم يخفه ولا
رجا العفو, فهو أيضاً لاينافي التصديق, لكنّه يضعفه أو ينـزله عن كمال الإيمان. ١٢ "نظم الفرائد".