مخطئ ابتداء وانتهاء أي: بالنظر إلى الدليل والحكم جميعاً، وإليه ذهب بعض المشايخ وهو مختار الشيخ أبي منصور، أو انتهاء فقط٠[1]٠ أي: بالنظر إلى الحكم حيث أخطأ فيه, وإن أصاب في الدليل حيث أقامه على وجهه مستجمعاً لجميع شرائطه وأركانه, وأتى بما كلّف من الاعتبارات وليس عليه في الاجتهاديّات إقامة الحجّة القطعيّة التي مدلولها حقّ البتة، والدليل على أنّ المجتهد قد يخطئ بوجوه: الأوّل: قوله تعالى: ﴿ فَفَهَّمۡنَٰهَا سُلَيۡمَٰنَ ﴾٠[2]٠ [الأنبياء: ٧٩] والضمير للحكومة أو الفتيا، ولو كان كلّ من الاجتهادين صواباً لِمَا كان لتخصيص سليمان بالذكر جهة؛ لأنّ كلاًّ منهما قد أصاب الحكم حينئذ وفهمه، الثاني: الأحاديث والآثار الدالّة على ترديد الاجتهاد بين الصواب والخطأ بحيث صارت متواترة المعنى٠[3]٠، قال عليه
[1]قوله: [أو انتهاء فقط] وهذا هو المختار عند الشارح وشيخ الإسلام فخر الإسلام البزدويّ وأتباعه ومشايخ ½سمرقند¼ رحمهم الله تعالى, كذا في "التلويح" و"قمر الأقمار". ١٢
[2] قوله: [﴿فَفَهَّمۡنَٰهَا سُلَيۡمَٰنَ ﴾... إلخ] والضمير للحكومة أو الفتوى, ووجه الاستدلال أنّ داود عليه الصلاة والسلام حكم بالغنم لصاحب الحرث, وبالحرث لصاحب الغنم، وسليمان حكم بأن تكون الغنم لصاحب الحرث ينتفع بها, ويقوم أصحاب الغنم على الحرث حتى يرجع كما كان, فيردّ كلّ إلى صاحبه ملكه, وكان حكم داود عليه السلام بالاجتهاد دون الوحي وإلاّ لَمَّا جاز لسليمان عليه الصلاة والسلام خلافه, ولا لداود عليه الصلاة والسلام الرجوع عنه، ولوكان كلّ من الاجتهادين حقًّا لكان كلّ منهما قد أصاب الحكم وفهمه, ولم يكن لتخصيص سليمان عليه السلام بالذكر جهة, وإن لم يدلّ على نفي الحكم عمّا عداه، لكنّه في هذا المقام يدلّ عليه, كما لا يخفى على من له معرفة بخواصّ التركيب, قاله الشارح في "التلويح". ١٢
[3] قوله: [متواترة المعنى] وإن كانت من قبيل الأحاد, وإنما قيّد بالتواتر؛ لأنهّا لولم تكن بالغة مبلغ التواتر لما صحّ الاستدلال بها على الأصول, على ما قاله الشارح في "التلويح". ١٢