وفي وقت دون وقت لا كما زعمت الفلاسفة من أنه تعالى موجب بالذات٠[1]٠ لا فاعل بالإرادة والاختيار، والنجّاريّة٠[2]٠ من أنه مريد بذاته لا بصفته، وبعض المعتزلة٠[3]٠ من أنه مريد بإرادة حادثة لا في محلّ، والكراميّة من أنّ إرادته حادثة في ذاته، والدليل على ما ذكرنا الآيات الناطقة٠[4]٠ بإثبات صفة الإرادة والمشيئة لله تعالى مع القطع بلزوم قيام صفة الشيء به٠[5]٠ وامتناع قيام الحوادث٠[6]٠ بذاته تعالى، وأيضاً نظام العالم٠[7]٠ ووجوده على الوجه الأوفق
[1] قوله: [موجب بالذات] أي: ذاته تعالى توجب صدور الفعل عنها بلا اختيار, ومبنى قولهم: إنّ الإرادة إذا تحقّقت فلا تخلو من أن تكون حادثة أو قديمة, وكلّ منهما ممتنع, أمّا الأوّل فلاستلزامه قيام الحادث بذات الله تعالى, وأمّا الثاني فلاستلزامه زوال القديم؛ لأنه لا يبقى بعد الإيجاد, والجواب: بأنها قديمة, والزوال إنّما يرد على تعلّقها بالمراد, وقد سبق أنّ التعلّقات حادثة فلا يلزم زوال القديم. ١٢
[2] قوله: [النجّاريّة] أصحاب الحسين بن محمّد النجّار وأكثر معتزلة ½الري¼ وحواليها على مذهبه, وافقوا المعتزلة في نفي الصفات من العلم والقدرة والإرادة والحياة والسمع والبصر, قال النجّار: الباري تعالى مريد لنفسه كما هو عالم لنفسه. ١٢ "الملل والنحل".
[3] قوله: [بعض المعتزلة] وهم أبو الهذيل وأبو عليّ الجبّائيّ وابنه أبو هاشم, فهم يقولون: بأنّ الله تعالى مريد بإرادة حادثة لا في محلّ, وأمّا جمهور المعتزلة فأنكروا إرادته للشرور والقبائح, وقالوا: يريد الطاعة والإيمان من الكلّ زعماً منهم أنّ إرادة القبيح قبيحة, وسيجئ الكلام فيه إن شاء الله تعالى. ١٢
[4] قوله: [الآيات الناطقة] كقوله تعالى: ﴿فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ﴾[هود: ١٠٧], و﴿يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ﴾[المائدة: ١], ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾[البقرة: ١٨٥] إلى غير ذلك من الآية. ١٢
[5] قوله: [قيام صفة الشيء به] ردّ على بعض المعتزلة. ١٢
[6] قوله: [امتناع قيام الحوادث... إلخ] ردّ على الكراميّة. ١٢
[7] قوله: [وأيضاً نظام العالم... إلخ] دليل ثانٍ حاصله: أنّ كون العالم على الوجه الأوفق الأصلح دليل
على أنّ صانعه قادر مختار, فإنّه إذا كان موجباً لم يكن على الوجه الأصلح, بل على الوجه المتعيّن الذي لا وجه ورائه. ١٢