الأصلح دليل على كون صانعه قادراً مختاراً، وكذا حدوثه٠[1]٠ إذ لو كان صانعه موجباً بالذات لزم قدمه٠[2]٠ ضرورة امتناع تخلّف المعلول عن علّته الموجبة. ٠ورؤية الله تعالى٠٠[3]٠ بمعنى الانكشاف التامّ٠[4]٠ ٠بالبصر٠، وهو معنى٠[5]٠ إثبات الشيء كما هو٠[6]٠ بحاسّة البصر، وذلك أنّا إذا نظرنا إلى البدر ثُمَّ أغمضنا العين فلا خَفاء في أنه وإن كان منكشفاً لدينا في الحالتين لكنّ انكشافه حال النظر إليه أتمّ وأكمل، ولنا بالنسبة إليه حينئذ حالة مخصوصة٠[7]٠ هي
[1] قوله: [وكذا حدوثه] دليل ثالث أي: حدوث العالم أيضاً يدلّ على أنّ صانعه قادر مختار؛ لأنه لو كان موجباً بالذات لزم قدم العالم, واللازم باطل فالملزوم مثله. ١٢
[2] قوله: [لزم قدمه] أي: قدم العالم؛ إذ لو كان حادثاً زمانيّاً لكان مسبوقاً بالعدم, وحينئذ يلزم تخلّف المعلول عن علّته الموجبة وهو محال, بخلاف ما إذا كان صانعه قادراً مختاراً, فجاز أن يتخلّف المعلول عنه؛ لأنّ إرادته ترجّح صدوره تارةً وعدمه أخرى. ١٢
[3] قوله:[رؤية الله تعالى] اجتمعت الأيِمة من أصحابنا على أنّ رؤيته تعالى في الدنيا والآخرة جائزة عقلاً, واختلفوا في جوازها سمعاً في الدنيا, فأثبته بعضهم ونفاه آخرون. ١٢ "شرح المواقف".
[4] قوله: [بمعنى الانكشاف التامّ] فيه إشارة إلى أنّ الرؤية مصدر مبنيّ للمفعول يعني: كونه تعالى مرئيًّا؛ لأنّ الانكشاف صفة المرئيّ, والمصدر المبنيّ للفاعل أي: كون الشخص رائياً صفة الرائي وإنّما أراد الأوّل؛ لأنه المتبادر منه وهو المتنازع فيه. ١٢ كذا في عامّة الحواشي.
[5] قوله:[وهو معنى... إلخ] كأنه أراد أنّ مآل التعريفين واحد, فالإثبات أيضاً مصدر مبنيّ للمفعول أي: كون الشيء مثبتاً. ١٢
[6] قوله:[كما هو] أي: كما كان الشيء عليه في نفس الأمر. ١٢
[7] قوله:[حالة مخصوصة] وهذه الحالة مغايرة للحالة الأولى الّتي هي الرؤية بالضرورة، فإنّ الحالتين وإن اشتركتا في حصول العلم فيهما إلاّ أنّ الحالة الأولى فيها أمر زائد هو الرؤية, وكذا إذا علمنا شيئاً علماً تامّا جليّاً, ثُمَّ رأيناه فإنّا نعلم بالبداهة تفرقة بين الحالتين, وإنّ في الثانية زيادة ليست في الأوّل. ١٢ "شرح مواقف".