إلى غير ذلك وهذا جهل عظيم؛ لأنّ المتّصف بالشيء من قام به ذلك الشيء، لا من أوجده، أوَلا يرون أنّ الله تعالى هو الخالق للسواد والبياض وسائر الصفات في الأجسام، ولا يتّصف بذلك؟ وربمّا يتمسّك بقوله تعالى: ﴿ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحۡسَنُ ٱلۡخَٰلِقِينَ ﴾٠[1]٠ [المؤمنون: ١٤], ﴿ وَإِذۡ تَخۡلُقُ ٠[2]٠مِنَ ٱلطِّينِ كَهَيَۡٔةِ ٱلطَّيۡرِ ﴾ [المائدة: ١١٠]، والجواب: أنّ الخلق هاهنا بمعنى التقدير٠[3]٠. ٠وهي٠ أي: أفعال العباد ٠كلّها بإرادته ومشيئته٠ تعالى وتقدّس, قد سبق أنهما عندنا عبارة عن معنى واحد٠[4]٠، ٠وحكمه٠ لا يبعد أن يكون ذلك
[1] قوله: [أحسن الخالقين] يقولون: إنّ جمع الخالق يدلّ على أنّ غيره تعالى أيضاً يكون خالقاً, والعياذ بالله تعالى. ١٢
[2] قوله: [إذ تخلق... إلخ] قالوا: ½إنّ هذه الآية تدلّ على أنّ عيسى عليه السلام خالق؛ لأنّ الضمير في ½تخلق¼ يعود إليه عليه السلام. ١٢
[3] قوله: [بمعنى التقدير] أي: التصوير فيكون معنى ﴿أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾[المؤمنون: 14] ½أحسن المقدّرين والمصوّرين¼ وكذا يكون معنى ﴿ إِذۡ تَخۡلُقُ ﴾ ½إذ تقدّر¼. في "لسان العرب"، ½الخلق¼ في كلام العرب على وجهين, أحدهما: الإنشاء على مثال أبدعه, والآخر: التقدير, وقال في قوله تعالى:﴿ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحۡسَنُ ٱلۡخَٰلِقِينَ ﴾[المؤمنون: ١٤] معناه: أحسن المقدّرين, وقوله تعالى: ﴿ أَنِّيٓ أَخۡلُقُ لَكُم مِّنَ ٱلطِّينِ ﴾[آل عمران: ٤٩] تقديره, ولم يرد أنه يحدث معدوماً. ١٢
[4] قوله: [معنى واحد] خلافاً للكراميّة فانّهم يقولون: ½إنّ المشيئة قديمة والإرادة حادثة¼, كذا في "الملل والنحل". ١٢