عنوان الكتاب: شرح العقائد النسفية

تعالى قد حكم بآجال العباد على ما علم من غير تردّد، وبأنه ﴿ َإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمۡ لَا يَسۡتَأۡخِرُونَ سَاعَةٗ وَلَا يَسۡتَقۡدِمُونَ [الأعراف: ٣٤]. واحتجّت المعتزلة بالأحاديث الواردة٠[1]٠ في أنّ بعض الطاعات يزيد في العمر٠[2]٠، وبأنه لو كان ميّتاً بأجله لَمَا استحقّ القاتل٠[3]٠ ذمّاً ولا عقاباً ولا دية ولا قصاصاً؛ إذ ليس موت المقتول بخلقه ولا بكسبه، والجواب عن الأوّل: أنّ الله تعالى كان يعلم٠[4]٠ أنه لو لم يفعل هذه الطاعة لكان عمره أربعين سنة، لكنّه علم أنه


 



[1] قوله: [بالأحاديث الواردة] ومنها أنّه أخرج الإمام الترمذيّ عن ثوبان بن مالك رضي الله تعالى عنه قال, قال رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلّم: ½لا يردّ القضاء إلاّ الدعاء ولا يزيد في العمر إلاّ البرّ¼. ١٢

[2] قوله: [يزيد في العمر] فلو كان الأجل قطعيّاً لم يكن للزياده معنى. ١٢ "ن"

[3] قوله: [لَمَا استحقّ القاتل] استدلال بوجه عقليّ, حاصله: أنّه إذا كان أجله مقدّراً قطعيّاً لم يكن القاتل ضيّع له شيئاً من حياته, فلم يغرم ديته في قتل الخطاء, وقصاصه في قتل العمد. ١٢

[4] قوله: [إنّ الله تعالى كان يعلم... إلخ] وقد نقح هذه المسئلة حقّ التنقيح سيّدنا إمام أهل السنّة الشيخ أحمد رضا خان البريلويّ, أفاض الله علينا من بركاته, في "المستند المعتمد" قال رضي الله تعالى عنه: ½الأحكام التكوينيّة على وجهين: فمقيّد صراحة, كأن يقال لملك الموت عليه الصلاة والسلام: اقبض روح فلان في الوقت الفلانيّ إلاّ أن يدعو فلان, ومطلق نافذ في علم الله تعالى, وهو المبرم حقيقة ومصروف بالدعاء مثلاً, وهو المعلّق الشبيه بالمبرم, فيكون مبرماً في ظنّ الخلق لعدم الإشارة إلى التقيّد معلّقاً في الواقع, فالمراد في الحديث الشريف هو هذا, وأمّا المبرم الحقيقيّ فلا رادّ لقضائه. ١٢




إنتقل إلى

عدد الصفحات

388