والإعجاب بحاله، فالأولى تركه لِمَا أنه يوهم بالشكّ ولهذا٠[1]٠ قال: ½ولا ينبغي¼ دون أن يقول: ½لايجوز¼؛ لأنه إذا لَم يكن للشكّ فلا معنى لنفي الجواز، كيف وقد ذهب إليه كثير من السلف حتى الصحابة٠[2]٠ والتابعين، وليس هذا٠[3]٠ مثل قولك: ½أنا شابّ إن شاء الله¼؛ لأنّ الشباب ليس من أفعاله المكتسبة, ولا مِمّا يتصوّر البقاء عليه في العاقبة والمآل، ولا مِمّا يحصل به تزكية النفس والإعجاب، بل مثل قولك٠[4]٠: ½أنا زاهد متّق إن شاء الله¼. وذهب بعض المحقّقين٠[5]٠ إلى أنّ الحاصل للعبد هو حقيقة التصديق الذي به يخرج عن الكفر، لكنّ التصديق في نفسه قابل للشدّة والضعف، وحصول التصديق الكامل المنجي المشار إليه بقوله تعالى: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ حَقّٗاۚ لَّهُمۡ دَرَجَٰتٌ عِندَ رَبِّهِمۡ وَمَغۡفِرَةٞ وَرِزۡقٞ كَرِيمٞ﴾[الأنفال: ٤] إنما هو في
[1] قوله: [ولهذا] أي: لأنّ تركه أولى بلا وجوب. ١٢ "ن"
[2] قوله: [حتى الصحابة] قال في "اليواقيت والجواهر": كان عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه إذا سئل عن ذلك, يقول: ½قول العبد أنا مؤمن إن شاء الله تعالى أولى من الجزم¼. ١٢
[3] قوله: [ليس هذا] ردّ على صاحب "التعديل", حيث قال: فإن لم يثبت الكفر فلا أقلّ من أن يكون التلفّظ به حراماً؛ لأنه صريح في الشكّ في الحال, وهو لايستعمل في المحقّق في الحال, حيث لا يقال: ½أنا شابّ إن شاء الله تعالى¼, قد نقله الملاّ عليّ القاري في "شرح الفقه الأكبر". ١٢
[4] قوله: [بل مثل قولك] لأنّ الإيمان والزهد والتقوى أعمال كسبيّة يتصوّر بقائها, ويكون دعواها مظنّة فخر وإعجاب. ١٢ "ن"
[5] قوله: [بعض المحقّقين] في توجيه جواز الاستثناء وهو الإمام الغزالي رحمه الله تعالى, وحاصله أنّ التصديق المصحّح لإجراء أحكام على العبد في الدنيا حاصل, والمرء به جازم, لكنّ التصديق الكامل المنوط به النجاة في العقبى أمر خفيّ, فيفوّض علمه إلى مشيئة الله تعالى, "شرح الفقه الأكبر". ١٢