صاحب سليمان عليه السلام٠[1]٠، وبعد ثبوت الوقوع لا حاجة٠[2]٠ إلى إثبات الجواز، ثُمَّ أورد كلاماً يشير إلى تفسير الكرامة وإلى تفصيل بعض جزئيّاته المستبعدة جدّاً، فقال: ٠فتظهر الكرامة على طريق نقض العادة للوليّ من قطع المسافة البعيدة في المدّة القليلة٠ كإتيان صاحب سليمان عليه السلام وهو آصف بن برخيا على الأشهر بعرش بلقيس قبل ارتداد الطرف مع بعد المسافة. ٠وظهور الطعام والشراب واللباس عند الحاجة٠ كما في حقّ مريم٠[3]٠, فإنّه قال الله تعالى: ﴿ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيۡهَا زَكَرِيَّا ٱلۡمِحۡرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزۡقٗا قَالَ يَٰمَرۡيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا قَالَتۡ هُوَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ ﴾[آل عمران: ٣٧]. ٠والمشي على الماء٠ كما نقل عن كثير من الأولياء. ٠والطيران في الهواء٠ كما
[1] قوله: [صاحب سليمان عليه السلام] وهو آصف بن برخيا من وزرائه, إذا أحضر سرير بلقيس قبل ارتداد الطرف, كما قال الله تعالى: ﴿ قَالَ ٱلَّذِي عِندَهُۥعِلۡمٞ مِّنَ ٱلۡكِتَٰبِ أَنَا۠ ءَاتِيكَ بِهِۦ قَبۡلَ أَن يَرۡتَدَّ إِلَيۡكَ طَرۡفُكَۚ فَلَمَّا رَءَاهُ مُسۡتَقِرًّا عِندَهُۥ قَالَ هَٰذَا مِن فَضۡلِ رَبِّي ﴾[النمل: ٤٠] .الآية. ١٢
[2] قوله: [لا حاجة... إلخ] كما ذهب إليه صاحب "المواقف"؛ وذلك لأنّ وقوع الشيء مستلزم لإمكانه, فأدلّة الوجود أدلّة الإمكان. ١٢
[3] قوله: [كما في حقّ مريم... إلخ] وأمّا ما قيل من أنّ الأوّل إرهاص لنبوّة عيسى عليه السلام أو معجزة لزكريّا عليه السلام, والثاني معجزة لسليمان عليه السلام فمدفوع, بأنّا لا ندّعي إلاّ جواز الخوارق لبعض الصالحين غير مقرون بدعوى النبوّة ولا يضرّنا تسيمته إرهاصاً أو معجزة لنبيّ هو من أمّته سابقاً أو لاحقاً, وسياق القصص يدلّ على أنه لم يكن هناك دعوى النبوّة, بل ولم يكن لزكريّا عليه االسلام علم بتلك القضيّة وإلاّ لَمَّا سئل عن الكيفيّة, والحاصل أنّ الأمر لخارق العادة هو بالنسبة إلى النبيّ معجزة سواء ظهر من قبله أو من قبل أمّته, وبالنسبة إلى الوليّ كرامة, ملخّصاً "شرح الفقه الأكبر". ١٢