العبد إذا بلغ غاية المحبّة و صفاء قلبه, واختار الإيمان على الكفر من غير نفاق سقط عنه الأمر والنهي, ولا يدخله الله٠[1]٠ النار بارتكاب الكبائر, وبعضهم إلى أنه تسقط عنه العبادات٠[2]٠ الظاهرة, وتكون عبادته التفكّر، وهذا كفر وضلال فإنّ أكمل الناس في المحبّة والإيمان هم الأنبياء خصوصاً حبيب الله تعالى، مع أنّ التكاليف في حقّهم أتَمّ وأكمل٠[3]٠، وأمّا قوله عليه السلام: ½إذا أحبّ الله عبداً لَم يضرّه ذنب¼ فمعناه أنه عصمه من الذنوب٠[4]٠ فلم يلحقه ضررها. ٠والنصوص٠ من الكتاب والسنّة ٠تحمل على ظواهرها٠ ما لم يصرف عنها دليل قطعيّ, كما في الآيات التي٠[5]٠ تشعر بظواهرها
[1] قوله: [لا يدخله الله النار... إلخ] ويقرب من هذا مذهب المرجئة, وهم قوم يقولون: لا يضرّ مع الإيمان معصية, كما لا ينفع مع الكفر طاعة. ١٢ "تعريفات" السيّد السند.
[2] قوله: [تسقط عنه العبادات] وقول بعض العارفين إنّ السالك يصل إلى مقام يرتفع عنه التكليف, مراده بهذا التكليف ذَهاب كلفة العبادة, فلا يصير يملّ منها بل ربمّا تلذّذ بفعل ما كانت نفسه تتصعّب لفعله قبل ذلك, وقد مكثت أنا في هذا المقام لا اتكلّف لأشقّ العبادات, ثُمَّ كشف لي عن نقص ذلك المقام لما يصاحبه من هوى النفس, فتبت وصرت لا أتي بعبادة إلاّ بمشقّة وكلفة, كأنيّ حامل جبلاً، قاله العارف بالله سيّدي الإمام الشعرانيّ في "اليواقيت". ١٢
[3] قوله: [أتمّ وأكمل] كما أنّ صلاة التهجّد واجبة على نبيّنا صلّى الله تعالى عليه وسلّم لا علينا، قال الله عزّوجلّ: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ﴾[الإسراء: ٧٩] أي: زائدة لك, و على ذلك صوم الوصال مشروع له صلّى الله تعالى عليه وسلّم لا لنا. ١٢
[4] قوله: [عصمه من الذنوب... إلخ] أي: حفظه من أن يرتكب ذنباً, وإن فرط منه ذنب وفّقه للتوبة, فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له. ١٢
[5] قوله: [في الآيات التي... إلخ] كقوله تعالى: ﴿ وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَتَهَجَّدۡ بِهِۦ نَافِلَةٗ لَّكَ ﴾[الإسراء: ٧٩]، ﴿ ٱلرَّحۡمَٰنُ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ ٱسۡتَوَىٰ﴾[طه: ٥]، ﴿ يَدُ ٱللَّهِ فَوۡقَ أَيۡدِيهِمۡ﴾[الفتح: ١٠]. ١٢