لذات الواجب تعالى وتقدس، وأمّا في نفسها فهي ممكنة، ولا استحالة٠[1]٠ في قدم الممكن إذا كان قائماً بذات القديم, واجباً به غير منفصل عنه، فليس كلّ قديم إلهاً٠[2]٠ حتى يلزم من وجود القدماء وجود الآلهة، لكن ينبغي أن يقال: إنّ الله تعالى قديم بذاته, موصوف بصفاته ولا يطلق القول بالقدماء٠[3]٠ لئلاّ يذهب الوهم إلى أنّ كلاًّ منها قائم بذاته, موصوف بصفات الألوهيّة، ولصعوبة هذا المقام ذهبت المعتزلة والفلاسفة إلى نفي الصفات٠[4]٠، والكراميّة إلى نفي قدمها،
[1] قوله: [ولا استحالة... إلخ] إشارة إلى جواب سؤال مقدّر تقريره أن يقال: لَمَّا كانت الصفات ممكنة, استحال أن تكون قديمة؛ إذ هم يقولون: كلّ ممكن حادث، حاصل الجواب: أنّه لا استحالة في قدم الممكن إذا كان قائماً بذات القديم وواجباً له غير منفصل عنه. قال إمام أهل السنّة الشيخ أحمد رضا خان البريلويّ قدّس سرّه: ½إنّ الصفات واجبة للذات بالذات, لا بالذات مستندة إلى الذات, لا على وجه الخلق وإلاحداث, بل على جهة الاقتصار الذاتيّ الأزليّ, والافتقار في الوجود والقيام والممكن. وكذا الحادث الذاتيّ أعمّ من الزمانيّ مطلقاً, والقديم من الممكن من وجه بيد أنّا لا نطلق الحدوث إلاّ في الزمانيّ، كما لا نقول المخلوق إلاّ عليه؛ لأنّ الخلق هو الإيجاد بالاختيار, فاحفظه فإنّه هو الحقّ, وبه تنحلّ الأشكالات جميعاً, وبالله التوفيق¼. ١٢ "المستند المعتمد".
[2] قوله: [فليس كلّ قديم إلهاً] تفريع على قوله: ½لا استحالة في قدم الممكن¼ يعني: أنّ القول بتعدّد القدماء لا ينافي التوحيد, إلاّ إذا كانت واجبات غير ممكنات. ١٢
[3] قوله: [ولا يطلق القول بالقدماء] فلا يقال: الله تعالى قديم بالقدماء, بل يقال: الله تعالى قديم بصفاته. ١٢
[4] قوله: [إلى نفي الصفات] بأن قالوا: صفاته تعالى عين ذاته, لا زائد على ذاته, لكن قال المحقّق الدوانيّ في "شرح العقائد العضديّة" واعلم أنّ مسئلة زيادة الصفات وعدم زيادتها ليست من الأصول التي يتعلّق بها تكفير أحد الطرفين, وقد سمعت عن بعض الأصفياء أنّه قال: إنّ زيادة الصفات وعدم زيادتها وأمثالها مِمَّا لا يدرك إلاّ بالكشف, ومن أسنده إلى غير الكشف فإنما يتراءى له ما كان غالباً على اعتقاده بحسب النظر الفكريّ, ولا أرى بأساً في اعتقاد أحد طرفي النفي والإثبات في هذه المسئلة. ١٢