والأشاعرة٠[1]٠ إلى نفي غيريّتها وعينيّتها. فإن قيل: هذا في الظاهر٠[2]٠ رفع للنقيضين، وفي الحقيقة جمع بينهما؛ لأنّ المفهوم من الشيء إن لم يكن هو المفهوم من الآخر فهو غيره، وإلاّ فعينه، ولا يتصوّر بينهما واسطة، قلنا: قد فسّروا الغيريّة٠[3]٠ بكون الموجودين بحيث يقدّر ويتصوّر وجود أحدهما مع عدم الآخر، أي: يمكن الانفكاك٠[4]٠ بينهما، والعينيّة باتحّاد المفهوم بلا
[1]قوله: [والأشاعرة... إلخ] هذا مذهب قدمائهم أمّا المتأخّرون منهم فاشتشكلوا الواسطة بين العينيّة والغيريّة, وذهبوا إلى أنهّا غير الذات, وأنهّا ممكنة صادرة بالإيجاب, ومنعوا بطلان تعدّد القدماء المتغايرة القائمة بذاته تعالى, ومال بعضهم إلى العينيّة, واختار بعضهم السكوت. ١٢ "نبراس".
[2]قوله: [هذا في الظاهر... إلخ] حاصله أنّ العينيّة والغيريّة ضدّان, فإذا نفى العينيّة بقوله: ½لا هو¼, فقد أثبت له الغيريّة؛ لأنّ ارتفاع أحد النقيضين يستلزم ثبوت الآخر, وإذا نفى الغيريّة بقوله: ½ولا غيره¼, فقد أثبت له العينيّة, فقد اجتمعت العينيّة واللاعينيّة. فهذا جمع بين النقيضين, وأمّا رفعهما فهو ظاهر من قوله: ½لا هو ولا غيره¼. ١٢
[3]قوله: [قد فسّروا الغيريّة... إلخ] بيّنوا صحّة التفسير المذكور بأنّه ماخوذ من العرف واللغة؛ لأنّك إذا قلت: ½ما في الدار غير زيد¼, فقد صدقت إذا لم يكن فيها شخص آخرمع أنّه ازدياد قدرة, فلو كان الجزء غير الكلّ, والصفة غير الموصوف لكنت كاذباً، وحاصل الجواب: أنّّ المراد بالغير في قولنا: ½غير زيد¼, غيره من أفراد الإنسان, وإلاّ لزم أن لا يغاير زيد ثوبه وأمتعة الدار, وهو باطل. ١٢ "ع ح"
[4]قوله: [أي: يمكن الانفكاك] أعمّ من أن يكون الانفكاك بينهما بحسب الوجود, بأن يتصوّر وجود أحدهما مع عدم الآخر, أو بحسب الحيّز بأن يتحيّز أحدهما في حيّز لم يتحيّز الآخر فيه. ١٢ "ع ح"