المعنى أنّ اللفظ القائم بالنفس ليس مرتّب الأجزاء٠[1]٠ في نفسه كالقائم بنفس الحافظ من غير ترتّب الأجزاء، وتقدّم البعض على البعض، والترتّب إنما يحصل في التلفّظ والقراءة لعدم مساعدة الآلة، وهذا معنى قولهم: المقروّ٠[2]٠ قديم والقراءة حادثة، وأمّا القائم بذات الله تعالى فلا ترتّب فيه، حتى أنّ من سمع كلامه تعالى سمعه غير مرتّب الأجزاء لعدم احتياجه إلى الآلة، هذا حاصل كلامهم وهو جيّد لمن يتعقّل٠[3]٠ لفظاً قائماً بالنفس غير مؤلّف من
[1]قوله: [ليس مرتّب الأجزاء] أي: الترتب بحسب الوجود, يعني: ليس وجوده مشروطاً بعدم البعض, فإنّ الترتيب اللحاظيّ فيه أيضاً لازم, وإلاّ لاستوى الأمر عندها في ½زيد على الفرس¼ و½الفرس على زيد¼. ١٢ كذا يستفاد من الحواشي.
[2]قوله: [هذا معنى قولهم: المقروّ... إلخ] وحينئذ لايكون التنويع إلى النفسيّ واللفظيّ, وهو الحقّ قال سيدنا المجدّد الأعظم الإمام أحمد رضا خان البريلويّ قدّس سرّه: ½والحقّ عندنا أنّ التنويع إلى النفسيّ واللفظيّ إنما مال إليه المتأخّرون, إفحاماً للمعتزلة, أو إفهاماً للعقول السافلة, كما اختاروا في المتشابهات مسلك التأويل, وإنّما المذهب وما عليه أيمة السلف أنّ كلام الله تعالى واحد, لا تعدّد فيه أصلاً, لم ينفصل ولن ينفصل عن الرحمن, ولم يحلّ في قلب ولا لسان ولا أوراق ولا آذان, ومع ذلك ليس المحفوظ في صدورنا إلاّ هو, ولا المتلوّ بأفواهنا إلاّ هو, ولا المكتوب في مصاحفنا إلاّ هو, ولا المسموع بأسماعنا إلاّ هو, لا يحلّ لأحد أن يقول: بحدوث المحفوظ المتلوّ المكتوب المسموع, إنما الحادث نحن وحفظنا وألسنتنا وتلاوتنا وأيدينا وكتابتنا وآذاننا وسماعتنا، والقرآن القديم القائم بذاته تعالى هو المتجلي على قلوبنا بكسوة المفهوم, وألسنتنا بصورة المنطوق, ومصاحفنا بلباس المنقوش, وآذاننا بزيّ المسموع فهو المفهوم المنطوق المسموع لا شيء آخر غيره¼. ١٢ "المستند المعتمد".
[3] قوله: [هو جيّد لمن يتعقّل] أي: ما ذكره القاضي إنما هو جيّد إذا تصوّرنا تصوّراً صحيحاً لفظاً قائماً بالنفس غير مرتّب الأجزاء ولا مؤلّف من حروف منطوقة أو مخيّلة أو منقوشة. ١٢