لا في الأزل، بل ٠لوقت وجوده٠ على حسب علمه وإرادته. فالتكوين باق أزلاً وأبداً، والمكوّن حادث بحدوث التعلّق، كما في العلم والقدرة وغيرهما من الصفات القديمة التي لا يلزم من قدمها قدم متعلّقاتها٠[1]٠، لكون تعلّقاتها حادثة٠[2]٠، وهذا تحقيق ما يقال٠[3]٠: إنّ وجود العالم إن لم يتعلّق بذات الله تعالى, وصفة من صفاته لزم تعطيل الصانع واستغناء الحوادث عن الموجد، وهو محال، وإن تعلّق فإمّا أن يستلزم ذلك قدم ما يتعلّق وجوده به٠[4]٠ فيلزم قدم العالم، وهو باطل، أو لا فليكن التكوين أيضاً قديماً مع حدوث المكوّن المتعلّق به، وما يقال٠[5]٠ من أنّ القول بتعلّق وجود المكوّن بالتكوين, قول بحدوثه، إذ القديم ما لا يتعلّق وجوده بالغير والحادث ما يتعلّق به، ففيه نظر٠[6]٠؛ لأنّ هذا معنى القديم والحادث بالذات على ما تقول
[1] قوله: [متعلّقاتها] من المعلومات الحادثة والمقدورات والمبصرات إلى غير ذلك. ١٢
[2] قوله: [تعلّقاتها حادثة] لأنّ تعلّق وجود كلّ موجود وقت وجوده بتكوينه الأزليّ. ١٢
[3] قوله: [هذا تحقيق ما يقال] أي: هو حاصل الدليل الذي ذكره صاحب "العمدة" على قدم التكوين في معارضة استدلال الأشعريّة. ١٢ "ن"
[4] قوله: [قدم ما يتعلّق وجوده به] ضمير الهاء في وجوده راجع إلى ½ما¼ والمراد به العالم, والضمير في ½به¼ يرجع إلى ذات الله تعالى. ١٢
[5] قوله: [وما يقال... إلخ] في جواب استدلال الأشعريّة, والقائل صاحب "الكفاية", قال: استدلّ الخصم بقوله: لو كان التكوين أزليّاً لتعلّق وجود المكوّن به في الأزل, فكان العالم قديماً, قلنا: إذا سلّمت تعلّق وجود المكوّن بالتكوين, فقد سلمت أنه حادث؛ إذ القديم ما لا يتعلّق وجوده بالغير, وما يتعلّق وجوده بغيره فهو حادث. ١٢ "ن"
[6] قوله: [ففيه نظر] حاصل هذا النظر أنّ اللازم من هذا القول الحدوث الذاتيّ, وهو ليس بمراد, بل المراد هو الحدوث الزمانيّ الذي يكون مسبوقاً بالعدم, وهو غير لازم. ١٢ "ر"