عنوان الكتاب: شرح العقائد النسفية

التكذيب، هذا الذي ذكره من أنّ الإيمان هو التصديق والإقرار مذهب بعض العلماء٠[1]٠ وهو اختيار الإمام شمس الأيِمّة, وفخر الإسلام رحمهما الله، وذهب جمهور المحقّقين إلى أنه التصديق بالقلب، وإنما الإقرار شرط٠[2]٠ لإجراء الأحكام في الدنيا٠[3]٠، لِمَا أنّ تصديق القلب أمر باطن لا بدّ له من علامة، فمن صدّق بقلبه ولم يقرّ بلسانه فهو مؤمن عند الله, وإن لم يكن مؤمناً في أحكام الدنيا، ومن أقرّ بلسانه ولم يصدّق بقلبه كالمنافق فبالعكس، وهذا هو اختيار الشيخ أبي منصور رحمه الله، والنصوص معاضدة لذلك٠[4]٠، قال الله تعالى: ﴿ أُوْلَٰٓئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلۡإِيمَٰنَ[المجادلة: ٢٢]، وقال الله تعالى: ﴿ وَقَلۡبُهُ مُطۡمَئِنُّۢ بِٱلۡإِيمَٰنِ[النحل: ١٠٦] وقال الله تعالى: ﴿ وَلَمَّا يَدۡخُلِ ٱلۡإِيمَٰنُ فِي قُلُوبِكُمۡ[الحجرات: ١٤]، وقال النبيّ عليه السلام:


 



[1] قوله: [مذهب بعض العلماء] فعلى هذا من صدّق بقلبه ولم يقرّ بلسانه فهو كافر, إلاّ إذا كان لعذر, قال الملاّ عليّ القاري في "شرح الفقه الأكبر": ½ثُمَّ الإجماع منعقد على إيمان من صدّق بقلبه وقصد الإقرار بلسانه ومنع مانع منه من خرس ونحوه¼. ١٢

[2] قوله: [الإقرار شرط] قال في "شرح الفقه الأكبر" عن "شرح المقاصد": الإقرار إذا جعل شرط إجراء الأحكام لا بدّ أن يكون على وجه الإعلان على الإمام وغيره من أهل الإسلام, بخلاف ما إذا جعل ركناً له فإنّه يكفي له مجرّد التكلّم مرّة وإن لم يظهر لغيره, والظاهر أنّ التزام الشرعيّات يقوم مقام ذلك الإعلان, كما لا يخفى على الأعيان. ١٢

[3] قوله: [الأحكام في الدنيا] من حرمة الدم والمال وصلاة الجنازة عليه ودفنه في مقابر المسلمين. ١٢

[4] قوله: [معاضدة لذلك] أي: لأنّ الإيمان هو التصديق بالقلب, والإقرار إنما هو شرط لإجراء الأحكام؛ لأنّ النصوص تدلّ على أنّ محلّ الإيمان هو القلب, فلا يكون الإقرار الذي هو فعل اللسان جزء من الإيمان. ١٢




إنتقل إلى

عدد الصفحات

388