مجرّد كلمتي الشهادة على ما زعمت الكراميّة. ولَمَّا كان مذهب جمهور المحدّثين والمتكلّمين٠[1]٠ والفقهاء٠[2]٠ أنّ الإيمان تصديق بالجنان وإقرار باللسان وعمل بالأركان, أشار إلى نفي ذلك بقوله: ٠فأمّا الأعمال٠ أي: الطاعات ٠فهي تتزايد٠[3]٠ في نفسها والإيمان لا يزيد ولا ينقص٠ فهاهنا مقامان٠[4]٠: الأوّل أنّ الأعمال غير داخلة٠[5]٠ في الإيمان لِمَا مرّ من أنّ حقيقة الإيمان هو التصديق؛ ولأنه قد ورد في الكتاب والسنّة عطف الأعمال على الإيمان، كقوله تعالى: ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ ﴾ [البقرة: ٢٧٧] مع القطع بأنّ العطف يقتضي المغايرة٠[6]٠ وعدم دخول٠[7]٠ المعطوف في
[1] قوله: [المتكلّمين] سوى الأشاعرة, وهم الخوارج والمعتزلة وهم جمّ غفير, والمخالف وإن كان ضالاًّ يسمّى متكلّما. ١٢"ن"
[2] قوله: [الفقهاء] وهم سوى الحنفيّة، كما سيأتي. ١٢
[3] قوله: [تتزايد] أي: تشتدّ وتضعف كيفاً وتزيد وتنقص كمّاً, فأداء فرض مثلاً مع الحضور والطمانية ومراعاة الأدب أفضل كيفاً من أداء نفل وفرض ناقص الأداء, وأداء فرضين أفضل كما من أداء فرض واحد وكذا مجموع الفروض مع ما سبقه ولحقه من السنن والنوافل من فرض واحد فقط. ١٢ "ن"
[4] قوله: [مقامان] قيل: بالضم أي: محلّ إقامة الدليل، أو بالفتح أي: محلّ قيامه. ١٢
[5] قوله: [غير داخلة] قال إمامنا الأعظم أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه في كتابه "الوصيّة": العمل غير الإيمان والإيمان غير العمل بدليل أنّ كثيراً من الأوقات يرتفع العمل من المؤمن، ولا يجوز أن يقال: ½ارتفع عنه الإيمان¼, فإنّ الحائض والنفساء يرفع الله سبحانه وتعالى عنهما الصلاة، ولا يجوز أن يقال: ½رفع عنهما الإيمان¼. ١٢
[6] قوله: [يقتضي المغايرة] ولا شكّ أنّ التغاير الذاتيّ هو الحقيقة في باب العطف, وأمّا الاعتباريّ فمجاز لا يصار إليه إلاّ إذا تعذّرت إرادة الحقيقة, فلا يرد بأنّ التغاير هاهنا اعتباريّ. ١٢
[7] قوله: [عدم دخول] أي: العطف مع ما تقدّم يدلّ على أنّ العمل ليس نفس الإيمان ولا جزء منه؛ لأنّ
الشيء لا يعطف على نفسه, ولا الجزء على كلّه, كذا في "شرح المواقف". ١٢