عنوان الكتاب: شرح العقائد النسفية

من خليقته ليزيح٠[1]٠ بها عللهم فيما قصرت عنه عقولهم من مصالح الدنيا والآخرة، وقد عرفت معنى الرسول والنبيّ في صدر الكتاب, ٠حكمة٠ أي: مصلحة وعاقبة حميدة. وفي هذا إشارة إلى أنّ الإرسال واجب, لا بمعنى الوجوب٠[2]٠ على الله تعالى، بل بمعنى أنّ قضية الحكمة تقتضيه٠[3]٠ لمَا فيه من الحكم والمصالح، وليس بممتنع كما زعمت السمنيّة والبراهمة٠[4]٠، ولا بممكن يستوي طرفاه كما ذهب إليه بعض المتكلّمين٠[5]٠، ثُمَّ أشار إلى وقوع


 



[1] قوله: [ليزيح... إلخ] أي: ليدفع الله تعالى بتوسّط هذه السفارة عللهم وأسقامهم الروحانيّة الواردة على قلوبهم وألسنتهم وجوارحهم, ويهدي في ضمنه إلى معالجات جسديّة أيضاً, كبيان دواء المرض أو بيان خواصّ الأشياء ومنافعها ومضارّها مِمَّا لا يناله التجربة. ١٢

[2] قوله: [لا بمعنى الوجوب... إلخ] خلافاً للفلاسفة فإنهّم يقولون: إنّ الإرسال واجب؛ لأنّ النظام الأكمل الذي تقتضيه العناية الأزليّة لا يتمّ بدون النبيّ الواضع لقوانين العدل, وقال بعض المعتزلة أيضاً بالوجوب عليه تعالى, و فصل بعضهم فقال: إذا علم الله من أمّة أنهّم يؤمنون وجب عليه إرسال النبيّ إليهم لِمَا فيه من استصلاحهم, وإلاّ لم يجب بل حسن فقط, كذا في "شرح المواقف". ١٢

[3] قوله: [تقتضيه... إلخ] والحاصل أنّ الوجوب عاديّ بمعنى: أنّ العادة الإلهيّة جارية بالإرسال؛ لأنّ الحكمة تقتضيه, أي: ترجّح جانب وقوعه مع جواز تركه, والماتريديّة يعترفون بهذا الوجوب ويفارقون المعتزلة في اللفظ, فيقولون: هذا وجوب من الله تعالى لا عليه. ١٢

[4] قوله: [والبراهمة] يظهر من "المواقف" أنّ من البراهمة من قال بنبوّة آدم عليه السلام فقط, ومنهم من قال بنبوّة إبراهيم عليه السلام فقط. ١٢

[5] قوله: [بعض المتكلّمين] وهم جمهور الأشاعرة القائلين بأنّ العقل لا يحكم بالحسن والقبح وأنّ الله سبحانه يفعل ما يشاء بمحض إرادته بلا غرض داع, والشارح قد جرى في هذا المقام على رأي الماتريديّة. ١٢ 'ن"




إنتقل إلى

عدد الصفحات

388