الإرسال٠[1]٠ وفائدته وطريق ثبوته وتعيين بعض من ثبتت رسالته فقال: ٠وقد أرسل الله تعالى رسلاً من البشر إلى البشر٠[2]٠ مبشّرين٠ لأهل الإيمان والطاعة بالجنّة والثواب، ٠ومنذرين٠ لأهل الكفر والعصيان بالنار والعقاب، فإنّ ذلك٠[3]٠ مِمَّا لا طريق للعقل إليه٠[4]٠, وإن كان فبأنظار دقيقة لا يتيسّر إلاّ لواحد٠[5]٠ بعد واحد. ٠ومبيّنين للناس ما يحتاجون إليه من أمور الدنيا والدين٠ فإنّه تعالى خلق الجنّة والنار وأعدّ فيهما الثواب والعقاب, وتفاصيل أحوالهما وطريق الوصول إلى الأوّل, والاحتراز عن الثاني مِمَّا لا يستقلّ به العقل٠[6]٠، وكذا خلق الأجسام النافعة والضارّة, ولم يجعل للعقول والحواسّ الاستقلال بمعرفتهما, وكذا جعل القضايا, منها ما هي ممكنات لا طريق
[1] قوله: [وقوع الإرسال] إشارة إلى الردّ على من يعترف بإمكان الرسالة وينكر وقوعها، لعدم المرجّح. ١٢
[2] قوله: [إلى البشر... إلخ] هذا مبنيّ على الغالب في الوقوع والأهمّ بالبيان, وإلاّ فقد تقدّم أنّ نبيّنا صلّى الله تعالى عليه وسلّم أرسل إلى جميع المخلوقات, ورسالته عامّة لجميع الخلق. ١٢
[3] قوله: [ذلك] أي: العلم بالثواب والعقاب وأسبابهما. ١٢
[4] قوله: [لا طريق للعقل إليه] وأمّا ما ذكره الفلاسفة بصدد مفارقة النفس من البدن فهو غير تامّ, بل غير صحيح؛ لأنهّم حصروا سبب الثواب في العلم, والعقاب في الجهل على ما يظهر من "هداية الحكمة" وغيره. ١٢
[5] قوله: [إلاّ لواحد... إلخ] أي: صاحب العقل القويّ المستعدّ لهذه الأنظار قليل الوجود, وهؤلاء هم الذين نشأوا في فترة الأنبياء, واهتدوا إلى بعض الأمور الشرعيّة. ١٢ "ن"
[6] قوله: [لا يستقلّ به العقل] إشارة إلى الردّ على البراهمة والصابية والتناسخيّة, فهم قالوا بأنّ ما حكم العقل بحسنه من الأفعال يفعل, وما حكم بقبحه يترك, وما لم يحكم فيه بحسن ولا قبح يفعل عند الحاجة إليه, كذا في "المواقف". ١٢