إلى الجزم بأحد جانبيها, ومنها ما هي واجبات٠[1]٠ أو ممتنعات لا تظهر للعقل إلا بعد نظر دائم وبحث كامل لو اشتغل الإنسان به لتعطّل أكثر مصالحه٠[2]٠, فكان من فضل الله تعالى ورحمته إرسال الرسل لبيان ذلك، كما قال الله تعالى: ﴿ وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ ٠[3]٠ إ إِلَّا رَحۡمَةٗ لِّلۡعَٰلَمِينَ ﴾[الأنبياء: ١٠٧]. ٠وأيّدهم٠ أي: الأنبياء ٠بالمعجزات الناقضات للعادات٠ جمع معجزة, وهي أمر٠[4]٠ يظهر بخلاف العادة على يد مدّعي النبوّة عند تحدّي المنكرين على وجه يعجز المنكرين عن الإتيان بمثله، وذلك لأنه لولا التأييد بالمعجزة لِمَا وجب قبول قوله، ولِمَا بان الصادق في دعوى الرسالة عن الكاذب, وعند ظهور المعجزة يحصل الجزم بصدقه بطريق جري العادة٠[5]٠ بأنّ الله تعالى يخلق
[1] قوله: [واجبات] كحدوث العالم وكونه تعالى عالِماً بكلّ جزئيّ متغيّر, وكونه قادراً مريداً شائياً. ١٢
[2] قوله: [لتعطّل أكثر مصالحه] إذ لو أمكن مثلاً معرفة الأدوية وطبائعها وخواصّها للعامّة بالتجربة ففي دهر طويل ويقعون في المهالك قبل قدرة استكمال التجربة مع أنّ اشتغالهم بذلك يوجب تعطّل الصناعات الضروريّة, والشغل عن مصالح المعاش. ١٢ "شرح المواقف".
[3] قوله: [وما أرسلناك... إلخ] فإنّه عليه السلام بيّن أمرالدين والدنيا لكلّ من آمن وكفر, لكنّ من كفرلم يهتد بهدايته ولم ينتفع برحمته, وقد يوجّه كونه عليه السلام رحمةً للكافرين بأنهّم آمنوا بدعائه عن الخسف والمسخ, قاله العلاّمة الخيالي. ١٢
[4] قوله: [وهي أمر... إلخ] للمعجزة سبعة شروط, أشار الشارح إليها في التعريف, الأوّل: أن يكون فعل الله تعالى, الثاني: أن يكون خارقاً للعادة, الثالث: أنّ يتعذّر معارضته, الرابع: أن يكون مقروناً بالتحدّي, الخامس: أن يكون موافقاً للدعوى, السادس: أن لا يكون ما ادّعاه وأظهره مكذّباً له, السابع: أن لا تكون المعجزة متقدّمة على الدعوى, بل مقارنة لها أو متأخّرة عنها بزمان يسير يعتاد مثلها, قاله المحقّق الدواني في "شرح العقائد العضديّة". ١٢
[5] قوله: [بطريق جري العادة... إلخ] إشارة إلى أنّ دلالة المعجزة على الصدق ليست عقليّة محضة, كما
للفعل على فاعله, بل هي عندنا دلالة عاديّة؛ لأنّ ظهورها على يد الكاذب ولو أمكن عقلاً فنفيه مقطوع به عادة, كما هو شان العلوم العاديّة, كذا يفهم من "شرح المواقف" أيضاً. ١٢