النفس كانت إعداماً محضاً, فيستحيل الإضافة إليها وأيضاً فلا يتمّ شبهتهم المذكورة, الخامس: أن يجوزوا كونه تعالى محلاًّ للحوادث وما ذكروه إنّما يتمّ على تقدير الزيادة دون العينيّة التي هي مذهب الحكماء والمحقّقين ومن المتكلّمين, وأيضاً التغيّر إنّما هو في المتعلّق والإضافة دون صفة العلم كما لا يخفى.
قوله: [فالعالم حادث… آهـ] أقول: الفاء للتفريع, والتفريع على قوله: ½فقادراً¼ ووجه التفريع أنّ الفاعل إمّا أن يكون موجباً أو مختاراً على سبيل الانفصال الحقيقيّ, وتوضيحه أنّ الفاعل إمّا أن يكون بحيث يصحّ منه الفعل والترك أو لا, والأوَّل المختار والثاني الموجب, وبيانه أنّ الفاعل إمّا أن يكون فعله تابعاً لقصده وداعية أو لا يكون, بل لقاسر أو طبع المخلّ, الأوَّل هو المختار والثاني الموجب, وليعتبر العاقل من نفسه الفرق بين حركته على وجه الأرض في مصالحاته ومهمّاته وبين حركته حال إلقائه من شاهق وحركات بنفسه, فإنّه يجد من نفسه في الأوَّل بحيث يمكنه الفعل والترك, ويرجّح أحدهما باتّصال ميل جازم منه إلى وقوعه, وذلك الميل تابع لتصوّر جلب نفع أو دفع ضرر, وفي الثاني يجد من نفسه بحيث لا يقدر على ترك الحركة إذا ثبت ذلك فاعلم أنّ فعل المختار حادث؛ لأنه لو لم يكن متأخّراً عنه لكان موجوداً معه لا يتخلّف عنه للزم دعوة الداعي إلى إيجاد الموجود, وقصد القاصد إلى تحصيل الحاصل وهو ضروري الاستحالة, فلَمَّا ثبت كونه تعالى قادراً ثبت حدوث العالم, والمراد بـ½العالَم¼ ما سوى ذاته, ولَمَّا كان المقرّر عند الجمهور أنّ الخبر يذكرنا الخبر أردنا أن ننبّهك على تطبيق شريف بين المتكلّمين والحكماء في نزاعهم بين القول بالإيجاب والاختيار, فنقول: اعلم أوَّلاً أنّ كمالات الله تعالى بالنسبة إلى الخلق منحصرة كلّياتها في أربعة أنواع: إبداع وخلق و تدبير و تدلّي, ولا نزاع في أنّ ما صدر عنه تعالى بطريق الخلق, أو التدبير أوالتدلّي بطريق الاختيار دون الإيجاب وهو متّفق عليه بين المتكلّمين والحكماء, كما يلوح من النمط, الخامس: من الإشارات فراجعه, والنـزاع في أنّ الإبداع بمعنى إخراج الأيس من الليس هل هو بطريق الإيجاب أو الاختيار فهو ليس في معارك التعالي, بل حقيقة الحال أنّ الإرادة لَمَّا كانت عين الذات عند الفلاسفة كان الإبداع إيجاباً عندهم, وليس معنى الإيجاب عندهم ما سمعته قبل, فإنّه من مخترعات المتكلّمين, بل قال الحكماء في بعض كتبهم: إنّه تعالى إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل,