قوله: [وصفاته عينه... آهـ] الحقّ إثبات الصفات الواردة في الآيات والآحاديث من الوجه واليدين والساق والضحك وغير ذلك, نوكّل إدراك كنهها إلى الله تعالى فكما أنّ السمع والبصر لا يدرك كنههما في الله تعالى كذلك هذه, نعم نعلم قطعاً أنّ هذه الصفات ليست مثل صفات الشاهد وعينية الصفات بمعنى: أنّ الذات تكفي كفايتها, وليس للمتكلمين دليل يدلّ على الزيادة لا نقلي ولا عقلي, إمّا الأوَّل فلأنّ غاية ما في الباب أنّ هناك حقيقة يصحّ إطلاق السميع والعليم نحوهما عليها عرفاً, وتفسيره إمّا هناك صفات متمايزة, فكلاّ ومن أنصف من نفسه عقل أنّ الناس إذا استعملوا أفعال الصفات وأسمائها لا يلتفتون إلى تمايز الصفات, وكونها زائدة على الذات أصلاً, لكنّهم يلتفتون إلى صدور الآثار لا غير, فإنّ من رأى شيئاً يتحرّك ويمشي ويحسّ يسميه حيًّا بسبب هذه الآثار, ولا يلتفت إلى أنّ الحياة صفة زائدة أوهو ذاتي إلى غير ذلك من التدقيقات الفلسفية, وأمّا الثاني فلأنّ العقل ما شهد إلاَّ بكونه بحيث يصدر منه الآثار, وأمّا أنّ ذلك منحصرة في زيادة الصفات فكلاّ, بل من أنصف من نفسه عقل أنّ كون الصِفات بمنـزلة الأعراض الحالّة في محالّها القائمة بموصوفاتها هو أعظم التشبيه, فإن قال قائل: هو مذهب أهل السنّة فيجب قبوله؛ لأنا أهل السنة ذا قول أهل السنّة عندنا, هم القرون المشهود لها بالخير, وما روي عن أحد منهم أنه تكلّم في الصفات هل هي زائدة أو لا, وعلى تقدير زيادتها هل هي أمور انتزاعية أوخارجية, وأمّا هذه الفرقة من المتأخّرين التي تدّعي لنفسها أنها أهل السنّة, فعلى تقدير أن لا يكون فقولهم: هذا بدعة في الدين أو اختراعاً لِم لَم يقله أحد من السلف, فنحن رجال وهم رجال, والأمر بيننا وبينهم سجال, هكذا سمعت من والدي قدّس سرّه.
قوله: [وهو مرئي... آهـ] أقول: الحقّ عندي أنّ الرؤية إضافة إشراقية بين البصر والمبصر غاية ما في الباب أنها في الشاهد لا يتحقّق إلاَّ بشرائط معروفة, ولا يلزم من ذلك كونها في الغائب أيضاً مشروطة بتلك الشرائط؛ إذ كثير من الأشياء مشروطة بشروطه في موطن, ويتحقّق في موطن آخر بدون تلك الشروط, وذلك باختلاف أحكام المواطن فافهم, فإنّه يجديك.
قوله: [لا حكم للعقل... آهـ] اعلم أنّ من الحسن والقبح ما يستبدّ العقل بدركه من غير نظر كحسن الصدق النافع وقبح الكذب الضارّ, أو بالاستدلال كالصدق الضارّ والكذب النافع, ومرادنا بالاستبداد العقل بدركه أن لا يتوقّف على ورود الشرع, ومن الحسن والقبح ما لا يستبدّ العقل