عنوان الكتاب: نفحات رمضان

أُكَلِّمُه فِيْكَ؟ قال: إنْ أَحْبَبْتَ. قال: فَانْتَعَلَ سَيِّدُنَا اِبْنُ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما، ثُمّ خَرَجَ مِن الْمَسجدِ، فقال له الرَّجُلُ: أَنَسِيْتَ ما كُنْتَ فيه؟ قال: لا، ولكنِّي سَمِعْتُ صَاحِبَ هذَا القَبْرِ صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم، وَالعَهْدُ منه قَرِيْبٌ، فدَمَعَتْ عَيْنَاهُ، وهو يقولُ: «مَنْ مَشَى في حَاجَةِ أَخِيْه، وبَلَغَ فِيْها، كانَ خَيْرًا له مِنْ اعتِكَافِ عَشَرِ سِنِيْنَ، ومَنْ اعْتَكَفَ يَوْمًا اِبْتِغَاءَ وَجْهِ الله تعالى، جَعَلَ اللهُ بَيْنَه وبَيْنَ النَّارِ ثَلاثَةَ خَنَادِيْقَ، كُلُّ خَنْدَق، أَبْعَدُ ما بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ»[1].

صلوا على الحبيب! صلى الله تعالى على محمد

أخي الحبيب:

إذاكانَ هذَا فَضْلَ اعتِكَافِ يَوْمٍ وَاحِدٍ، فكَيْفَ بِفَضْلِ اعتِكَافِ عَشَرِ سِنِيْنَ؟! وفي هذَا الْحَدِيْثِ الشريف قد وَرَدَ فَضْلُ تَنْفِيْسِ الكَرْبِ عَنْ الْمُسلِمِيْنَ، وقَضَاءِ حَوَائِجِهم، يقولُ الحبيبُ المصطفى صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم: «إنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إلى اللهِ بَعْدَ الفَرَائِضِ إِدْخَالُ السُّرُوْرِ على الْمُسْلِمِ»[2].

لو قامَ كُلُّ واحِدٍ منَّا بِقََضَاءِ حَوَائِجِ المسلمين وإِدْخَالِ السُّرُوْرِ على قُلُوْبِهم أَصْبَحْنَا مُجْتَمَعًا يَسُوْدُه الإخَاءُ والْمَوَدَّةُ والْحُبُّ والتَّرَاحُم، ولكن لَلأَسَفِ الشَّدِيْدِ نَجِدُ الْمُسْلِمِينَ يُبْغِضُ بَعْضُهم بَعْضًا، ويُمَزِّقُ


 



[1] ذكره البيهقي في "شعب الإيمان"، باب في الاعتكاف، ٣/٤٢٤، (٣٩٦٥).

[2] ذكره الطبراني في "المعجم الكبير"، ١١/٥٩، (١١٠٧٩).

 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

445