فيَجِبُ تَقْسِيْمُ البِدْعَةِ إلى بِدْعَةٍ حَسَنَةٍ، وبِدْعَةٍ سَيِّئَةٍ، ولا بُدَّ مِنْ اِعْتِبَارٍ بِأَشْيَاءَ مُسْتَحْسنَةٍ لَمْ تَكُنْ في زَمَنِ النَّبِيِّ الكَرِيْمِ، صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم وأَصْحَابِه الكِرَامِ والتَّابِعِيْنَ وإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ تَقْسِيْمُ البِدْعَةِ، يَلْزَمُ الفَسَادُ في نِظَامِ الدِّيْن الإسلامي. ومِن البِدْعَةِ الْحَسَنَةِ: الرِّبَاطُ، والْمَدَارِسُ الإسلامِيَّةُ والدَّرْسُ النِّظَامِيِّ وطَبْعُ القرآنِ والْحَدِيثِ والكتُبِ الإسلامِيَّةِ، والاحتفالُ بذِكْرَى الأنبياء وعِبَادِ الله الصالحين.
وكان الرسولُ الكريم صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم يَقْدِرُ على الابتداع بالأشياء المستحسنة، لكن مِنْ فَضْلِ الله تعالى على عِبَادِه: أنْ جعَل لَهُمْ مَوَاسِمَ للصَّدَقاتِ الجارِية، يَبْتَدِعُوْن بالأشياء المستحسنة.
القبة الخضراء:
ومِن الْمُحْدَثاتِ الْمَحْمُوْدَةِ: اَلْقُبَّةُ الْخَضْرَاءُ، ويَتَمَنَّى زِيَارَتَها كُلُّ عُشَّاقِ الرَّسُوْلِ صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم، وقَدْ أُحْدِثَ بِنَاءُها في سَنَة ٦٧٨هـ، الْمُوَافقَة ١٢٦٩م، وكانَ لوْنُها، أَوَّلاً بِاللَّوْنِ الأَصْفَرِ، وسُمِّيَتْ بِالقُبَّةِ الصَّفْرَاءِ، ثُمَّ صارَتْ بِاللَّوْنِ الأَبْيَضِ في سَنَة ٨٨٨هـ، الْمُوَافقَة ١٤٨٣م، وسُمِّيَتْ بِالقُبَّةِ البَيْضَاءِ، ثُمَّ بُنِيَتْ بِالأَحْجَارِ الْمُلَوَّنَةِ في سَنَة٩٨٠هـ، الْمُوَافقَة ١٥٧٢م، وسُمِّيَتْ بِالقُبَّةِ الْمُلَوَّنَةِ، ثُمَّ صارَتْ بِاللَّوْنِ الأَخْضَرِ في سَنَة ١٢٣٣هـ، الْمُوَافقَة ١٨١٨م، وسُمِّيَتْ بِالقُبَّةِ الْخَضْرَاءِ، بَعْدَ صَبْغِها بِالأَخْضَرِ، وَاسْتَمَرَّتْ عليه إلى الآن، وهي بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ مَحْمُودة، وهي نُوْرُ العُيُونِ، وسُرُورُ القُلُوبِ، ولا يُمْكِنُ لأَحَدٍ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِهَدْمِ القُبَّةِ.