ودَخَلَ عليه بَعْضُ أَصْحَابِه، فرَأَى جَرَّةَ مَاءٍ، قَدْ اِنْبَسَطَتْ علَيْها الشَّمْسُ، فقال له: ألاَ تُحَوِّلُهَا إلى الظِّلِّ؟ فقال: حِينَ وَضَعْتُها لم يَكُنْ شَمْسٌ، وأنَا أَسْتَحْيِي أَن يَرَانِي اللهُ أَمْشِي لِمَا فيه حَظُّ نَفْسِي[1].
إنَّه كانَ في ذلك الدِّهْلِيْزِ الْخَرَابِ في الْحَرِّ الشَّدِيْدِ، وَاضِعًا لَبِنَةً تَحْتَ رَأسِه ويَقْرَأُ القُرْآنَ وهو في النَّزْعِ، فقِيْلَ له: نَذْهَبُ بِكَ إلَى الصَّحْرَاء؟ قالَ: أَسْتَحْيِي مِنَ الله تعالى أَنْ أَضَعَ علَى الأَرْضِ قَدَمًا لِحَظِّ نَفْسِي ولَمْ يَكُنْ لِلنَّفْسِ علَيَّ يَدٌ وسَلْطَنَةٌ إلَى الْيَوْمِ والآنَ أَوْلَى أنْ لا يَكُوْنَ لَهَا علَيَّ سَلْطَنَةٌ وَاسْتِيْلاَءٌ، وفي تلك اللَّيْلَةِ تُوُفِّيَ إلَى رَحْمَةِ الله تعالى، نُقِلَ أَنَّه سُمِعَ صَوْتٌ في تِلْكَ اللَّيْلَةِ: يُقَالُ: يا أَهْلَ الأَرْضِ، دَاودُ وَصَلَ إلى الْحَقِّ، وَالْحَقُّ عَنْهُ راضٍ[2].
التباهي بفعل الخير:
أخي الحبيب:
كان البَعْضُ لَلأَسَفِ يُظْهِرُ مِن الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، ثُمّ بعد ذلك يَقَعُ في الرِّيَاءِ، ويقولُ البعضُ: أَصُوْمُ شَهْرَ شَعْبَانَ كامِلاً، ومِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: أَصُومُ رَمَضانَ، وأَصُومُ أَيَّامَ الْبِيضِ، والْبَعْضُ يُظْهِرُ عَدَدَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ويقول البعضُ: أُصَلِّي على الحبيب صلّى الله تعالى عليه وسلّم وأَتْلُو القرآنَ وأُعْطِي الصَّدَقَاتِ، وأُصَلِّي النَّوَافِلَ، وكذلك الْبَعْضُ يُظْهِرُ