بحَيْثُ يَعْلَمُ أنَّ في إظْهَارِه تَرْغِيبًا لِلنَّاسِ في الْخَيْرِ، وهذا لَيْسَ بدَاخِلٍ في بَابِ الرِّيَاء ومع هذا يَجبُ على الْمُسْلِمِ: أَنْ يُرَاقِبَ قَصْدَه ويُحَاسِبَ نَفْسَه قَبْلَ أَن يُقْبِلَ على إظْهَارِ الْعَمَلِ، لأنَّ مَكْرَ الشَّيْطَانِ شَدِيدٌ، ولأنَّه رُبَّمَا يُوْقِعُ في الرِّيَاء على سبيلِ إظْهَارِ الْعَمَلِ تَحَدُّثاً بنعْمَةِ الله، ويَنْبَغِي الرُّجُوعُ إلى كُتُبِ التَّصَوُّفِ لِلإمامِ الْغَزَالِيِّ رحمه الله تعالى مثل: إِحْيَاءِ العُلُومِ، وكِيْمِيَاء السَّعَادَةِ لِمَعْرِفَةِ أَبْوَابِ الإخْلاَصِ والنِّيَّةِ والرِّيَاءِ، نَسْأَلُ اللهَ أَن يُوَفِّقَنا لِحُسْنِ عِبَادَتِه مِنَ الصَّلاَةِ والصِّيَامِ وأَنْ يُحَذِّرَنا مِنْ مَكَائِدِ الشَّيطانِ، آمِيْنَ بجاه النبي الأمين صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم.
قرية الصائمين:
ونُقِلَ أَنّ مالِكَ بْنَ دِيْنَارٍ رحمه الله تعالى أَقَامَ بالْبَصْرَةِ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً، وما أَكَلَ مِنَ الرُّطَبِ قَطُّ، فبَعْدَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً اِشْتَهَى الرُّطَبَ اِشْتِهَاءً شَدِيْدًا، قال: يا نَفْسُ، إنْ أَرَدْتِ أُطْعِمْك، فصُوْمِي أُسْبُوْعًا كامِلاً، فرَضِيَتْ نفسُه بذلك، ووَفَّتْ بالْعَهْدِ، ثُمَّ ذَهَبَ مالِكٌ إلى السُّوْقِ، وَاشْتَرَى الرُّطَبَ ودَخَلَ مَسْجِدًا لِيَأْكُلَ فصَاحَ صَبِيٌّ يَهُوْدِيٌّ مِنَ السَّطْحِ إيَّاه، وقالَ: يا أَبَتِ، شَخْصٌ يَهُوْدِيٌّ اِشْتَرَى شَيْئًا مِنَ الرُّطَبِ، ودَخَلَ هذا الْمَسْجدَ ليَأْكُلَ، فقالَ أَبُوه الْيَهُوْدِيُّ: كَيْفَ يَدْخُلُ الْمَسْجدَ؟ فجاءَ إلَى ذلك الشَّخْصِ، فرَأَى مَالِكًا، فوَقَعَ بَيْنَ يَدَيْه، وتَمَرَّغَ في التُّرَابِ، فقالَ مَالِكٌ: ماذا قالَ الصَّبِيُّ؟ قال الْيَهُوْدِيُّ: هو صَبِيٌّ مَعْذُوْرٌ، ما عَرَفَكَ، وَالْحَالُ أَنَّ في مَحَلَّتِنا وجِيْرَانِنا ناسًا مِنَ الْيَهُوْدِ يَصُوْمُوْنَ ولا