تَسْتَرِيْحَ غَدًا ولاَ تَحْتَرِقْ اِصْبِرْ أَيَّامًا قَلِيْلَةً فإنَّها تَمْضِي وتَمُرُّ عن قَرِيْبٍ، ثم يَرْزُقُكَ اللهُ تعالى نَعِيْمًا لا يَزُوْلُ[1].
أخي الحبيب:
في أَقْوَالِ الصِّغَارِ وأَفْعَالِهم تُوجَدُ لنا دُرُوسٌ وعِبَرٌ وقد كَتَبْتُ هذهِ الْقِصَّةَ الْمَذْكُورَةَ في بَيْتِ أَحَدِ الإخْوَةِ مِنْ كراتشي في اليَوْمِ التَّاسِعِ مِنْ شَهْرِ شَوَّال سَنَةٍ ١٤٢٢هـ، وكُنْتُ قد أَكَلْتُ الطَّعَامَ في بَيْتِه وأَكَلَ مَعَنا اِبْنُه وبِنْتُه الصَغِيْرَة وإنَّهُمَا أَعْطَيَاني في أَثْنَاءِ الأَكْلِ دَرْسًا عَظِيمًا في الْحِرْصِ والطَّمَعِ وَالْحَسَدِ والْكِبْرِ وَالرِّيَاءِ وَالْغَضَبِ وَالْعُجْبِ وَالْغِيْبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَالشَّمَاتَةِ وغَيْرِها مِن الْمُهْلِكَاتِ لأنَّ كُلَّ واحِدٍ مِنْهُمَا أَخَذَ طَعَامًا زَائِدًا عَنْ حاجَتِه وهذا مِمَّا يَدُلُّ على الْحِرْصِ وَالطَّمَعِ وضَيَّعَ الطَّعَامَ والشَّرَابَ وهذا مِمَّا يَدُلُّ على الإسْرَافِ وَالْعَاقِلُ لا يُسْرِفُ، ولا يُخَالِفُ السُّنَّةَ، ولَمَّا صَبَّ الْوَلَدُ لِنَفْسِه كَأْسًا مِن الْمَشْرُوبَاتِ الْغَازِيَةِ أَخَذَتْ الْبِنْتُ قارُوْرَةَ الْمَشْرُوْبَاتِ الْغَازِيَةِ وخَرَجَتْ من الغُرْفَةِ وبَعْدَها ذَكَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عُيُوبَ الآخَرِ ونَقَائِصَه، كأنَّه يقول: نَحْنُ صِغَارٌ، ولذا نَرْتَكِبُ هذهِ الْمُهْلِكَاتِ مِن الحِرْصِ، والطَّمَعِ، والْحَسَدِ، وَالْكِبْرِ، وَالْعُجْبِ وَالْغِيْبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وإنَّ اللهَ تعالى لا يُؤَاخِذُنَا بما فَعَلْنَا لأنَّنا نَحْنُ صِغَارٌ ولَمْ نَكُنْ مُكَلَّفِينَ لكن أنْتُم لَلأَسَفِ تَرْتَكِبُوْنَ هذهِ الْمُهْلِكَاتِ