بْنِ أبي طالب كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ الكَرِيم، فنادَى: يا أَهْلَ القُبُورِ، السَّلاَمُ عَلَيكُمْ ورَحْمَةُ الله وبَرَكَاتُهُ، تُخْبِرُونَا بأَخْبارِكُمْ، أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ نُخْبِرَكُمْ؟
قال: فسَمِعْنا صَوتاً مِنْ دَاخِلِ القَبْرِ: وعَلَيكَ السَّلاَمُ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ، يا أَمِيْرَ المؤمنين أَخْبِرْنَا عمّا كان بَعْدَنَا فقال سيدنا عَلِيّ المرتضى رضي الله تعالى عنه: أمّا أَزْوَاجُكُمْ فقد تَزَوَّجْنَ، وأمّا أَمْوَالُكُم فقد اُقْتُسِمَت والأَوْلاَدُ فقد حُشِرُوا في زُمْرَةِ اليَتامَى، والبِنَاءُ الذي شَيَّدْتُم فقد سَكَنه أَعْداؤُكم فهذه أخبارُ ما عندَنا، فما أخبارُ ما عندكم؟
فَأَجَابَه الْمَيِّتُ: قد تَخرَّقَتِ الأَكْفَانُ وَانْتَثَرَتِ الشُّعُورُ وتَقَطَّعَتِ الْجُلُودُ وسالَتِ الأَحْدَاقُ على الْخُدُودِ وسالتِ الْمَنَاخِرُ بالْقَيْحِ والصَّدِيْدِ وما قَدَّمْنَاهُ وَجَدْنَاهُ، وما خَلَفْنَاهُ، خَسَرْنَاه، ونحن مُرْتَهِنُونَ بالأَعْمالِ[1].
أخي الحبيب:
كانت في هذه القِصَصِ نَصَائِحُ جَلِيلَةٌ وعِبَرٌ بالِغَةٌ لمن يَعْتَبِرُ ويَتَدَبَّرُ فإنّ الإنسانَ يَغْفُلُ عن ذِكْرِ الْمَوتِ والاسْتِعْدَادِ لَهُ حتّى إذا جاءَه الموتُ، كشف عنه الغِطَاء، فبَصَرَه كالْحَدِيدِ, فما مِنْ شَيءٍ إلاّ وهو يَرَاهُ، حتّى يَصِيْرَ إلى قَبْرِهِ، وحِيْنَئِذٍ لا يَنْفَعُهُ مَالٌ، ولا بَنُونٌ، إلاّ ما عَمِلَ من الصالِحَات, وما أَنْفَقَه في سَبِيْلِ الطَّاعَاتِ، فذلك يُرْجَى لَهُ الفَوزُ والنَّجَاةُ، وأمّا مَنْ خَلَفَ لِوَرَثَتِهِ، أَسْبَابَ الْهَلاَكِ كَآلاَتِ الْمُوسِيْقى،