لي وأنَا أَجْزِي به يَدَعُ شَهْوتَه وطعامَه من أَجْلي للصائمِ فَرْحَتان: فَرْحةٌ عند فِطْره وفَرْحةٌ عند لِقَاء ربِّه، ولَخُلُوْفُ فِيْهِ أَطْيَبُ عند الله من رِيْحِ الْمِسْك»[1]. وقال صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ، فإذا كان يومُ صَوْمِ أحَدِكم، فلا يَرْفُثْ، ولا يَصْخَبْ، فإن شَاتَمَه أحَدٌ، أوْ قاتَلَه، فليَقُلْ: إنّي امْرُؤٌ، صائمٌ»[2].
أخي الحبيب:
تَبيَّنَ من الأحاديث المبارَكة: أنّ فضائِلَ الصوم، وخصائِصَه، وفوائدَه ومَنافِعَه كثيرةٌ، وكم هي البِشَارَةُ العظيمة للصائم الذي يُقدِّرُ شَهْرَ رمَضان حقَّ قَدْرِه، ويَكُفُّ نفسَه عن الحرام، ويَغُضُّ بصَرَه، عن الْحُرُمَات قد ختَمَ النبيُّ الكريم صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم الحديثَ بهذه البِشَارة: أنّ الصيامَ كَفَّارةٌ للذُّنُوْب وتذَكَّرْ أخي الحبيب قولَ النبيِّ المصطفى صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم عن رَبِّه عزّ وجلّ: «كُلُّ عمَلِ ابْنِ آدَمَ لَه، إلاّ الصَّوْمَ، فإنّه لي وأنَا أَجْزِي به». ويمكن أن يكون هذا الفِعْلُ الْمُضَارِع مَبْنِيّاً للْمَجْهُوْل، بفتحِ «الزاء» وقد أشَار إليه بعضُ الْمُحَدِّثين، كما في "تفسير النعيمي"[3]، وحينئذ يكون للحديث معنًى عميقٌ، وهو: أنّ الصومَ يكون لله، وهو جَزاؤُه.