عنوان الكتاب: نفحات رمضان

رَأَيْتُ أبي في الْمَنَامِ مَرَّةً أُخْرَى علَيْه حُلَّةٌ خَضْرَاءُ, وهو يبْتَسِمُ فعَرَفْتُ أنَّ ذلك حَصَلَ ببَرَكَةِ السَّفَرِ في سبيلِ الله معَ قَافِلَةِ المدينة وعَزَمْتُ أن أَسْتَمِرَّ علَيْه إن شاء الله عزّ وجلّ.

صلوا على الحبيب! صلى الله تعالى على محمد

أخي الحبيب:

أَرَأَيْتُمْ أَنَّ الْوَلَدَ السَّعِيْدَ عَزَمَ علَى السَّفَرِ في سبيلِ الله مَعَ قَافِلَةِ المدينة لإهْدَاءِ الثَّوَابِ إلى وَالِدِه ورَأَى بَرَكَةَ قافِلَةِ المدينة بعَيْنَيْهِ، يقُوْلُ عُلَمَاءُ التَّعبِيْرِ: إنّ الْبَرْزَخَ لا يُوْجَدُ فِيْه كَذِبٌ، لأنَّ الْمَيِّتَ لا يَقُوْلُ إلاَّ حَقًّا, ويقولُ الْمُعَبِّرُوْنَ: إنّ رُؤْيَةَ الْمَيِّتِ في حَالَةِ مَرَضٍ أو ضُعْفٍ أو غَضَبٍ تَدُلُّ على الْعَذَابِ, ورُؤْيَتَه في حُلَّةٍ خَضْرَاءَ، أو بَيْضَاءَ تَدُلُّ على الرَّاحَةِ.

أخي الحبيب:

اِعْلَمْ أنَّ الرُّؤْيَا لَيْسَتْ مَصْدَرًا لِلتَّشْرِيْعِ إلاَّ لِنَبيٍّ خَاصَّةً لأنّ رُؤْيَةَ النَّبيِّ مُشْتَمِلَةٌ على الْوَحْي الإلَهِيِّ، وأمَّا غَيْرُ النَّبيِّ من سائِرِ النَّاسِ، لَيْسَ له أَيُّ حَظٍّ مِنَ الرُّؤْيَا ولَيْسَتْ رُؤْيَاهُ حُجَّةً فمَنْ رَأَى النَّبِيَّ الْكَرِيْمَ صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم في الْمَنَامِ، وهو يُبَشِّرُه بالْجَنَّةِ، فقَدْ رآهُ، فإنّ الشَّيْطَانَ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَجِيْءَ في صُوْرَتِه صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم ومع هذا لا يُقْطَعُ على صِحَّتِه، لأنَّ الرُّؤْيَا كانَتْ مُضْمَحِلَّةً، فإنْ كانَ الْمَرْئِيُّ مُوَافِقًا لِظَاهِرِ الشَّرِيعَةِ فإنَّه يَجُوزُ أَنْ يَتَّبِعَ الرَّائِيُ ذلك ولا يَجبُ علَيْه، وإن كان مُخَالِفًا لِلشَّرِيعَةِ لا يَتَّبِعُ ذلك.


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

445