عنوان الكتاب: نفحات رمضان

له، ولا مَتَاعَ. فقال: «إِنّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتي، يَأْتي يوم القيامة، بصلاةٍ، وصِيَامٍ وزكَاةٍ، ويَأْتي قد شَتَمَ هذا وقَذَفَ هذا وأَكَلَ مالَ هذا، وسَفَكَ دَمَ هذا، وضَرَبَ هذا, فيُعْطَى هذا مِنْ حَسَنَاتِه، وهذا مِنْ حَسَنَاتِه, فإن فَنِيَتْ حَسَناتُه قَبْلَ أن يُقْضَى ما عليه أُخِذَ من خَطَايَاهُم فَطُرِحَتْ عليه، ثم طُرِحَ في النّارِ»[1].

اعْلَمْ أَخِي الْحَبيب: لَيْسَ الْمُرادُ بالظُّلْمِ هُنَا القَتْل، والغَصْب، فقَط، بل إنّ الظّالِم يَصْدُقُ على كُلِّ مَنْ ضَيَّعَ حُقُوْقَ العِبَاد بأَيِّ وَجْهٍ مِن الوُجُوهِ، ورُبَّمَا يكونُ الظالمُ مظلوماً في مكان والمظلومُ ظالِماً في مكانٍ آخَر. كان سيدُنا عبدُ الله بْنُ أُنَيْسٍ رضي الله تعالى عنه يقول: «يُنَادِي ربُّ العِزَّةِ يومَ القيامة: أَنَا الْمَلِكُ الدَّيَّانُ، لا يَنْبَغي لأَحَدٍ مِن أَهْلِ النار: أن يَدْخُلَ النارَ، ولا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِن أَهل الجنّة: أن يَدْخُلَ الجنّةَ، ولأَحَدٍ عندَه مَظْلِمَةٌ، حتّى أَقْتَصَّ له منه»[2].

وإن أَرَدْتَ أَخِي مَزِيْداً من التَّفْصِيْل في هذا الأَمْرِ فعليك قِراءَة الكُتَيْبِ الْمُسَمَّى بـ: « عِقَابِ الظُّلْمِ »، الذي نَشَرَتْه مَكتَبَةُ الْمَدينة.

نَسْأَلُ اللهَ عزّ وجلّ أن يُوَفِّقَنا لِتَعْظِيْمِ وتَأْدِيَةِ حُقُوقِ العِبَاد، وأَن يُجَنِّبَنا تضييعَ الحقوقِ، وأن يَشْرَحَ صُدُوْرَنا لِلْمُسَامَحَةِ والعَفْو.

صلّوا على الحبيب! صلّى الله تعالى على محمد


 



[1] "صحيح مسلم"، صـ١٣٩٤، (٢٥٨١)، و"مسند أحمد بن حنبل"، ٣/٣٠٥، (٨٨٥١).

[2] ذكره الشعراني في "تنبيه المغتَرِّين"، صـ٥٠.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

445