عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

وحاصل معنى البيت: سيدنا ونبينا محمد عليه السلام هو الامر بما هو مامور من عند الله من العقائد الرضية والاعمال السنية، والناهي عن الامور الدنية والافعال الردية، وهو في كل اخباره صادق، وفي تكميل الناقصين حاذق فلا احد اصدق منه في النفي والاثبات، ولا احق منه في الوعد والوعيد وسائر الحالات لانّه ما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى وكان صدقه بديهيا ومسلَّما عند الخصم والكفار كما قال الله الملك الجبار: ﴿فَانَّهُمۡ لَا يُكَذبونَكَ وَلَٰكِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ ب‍َٔايَٰت ٱللَّهِ يَجۡحدونَ ﴾ [الانعام: ٣٣] اللهم اجعلنا رفيقا للصديقين والشهداء والصالحين امين.

 

٣٦      هُوَ الْحبيْب الَّذيْ ترجى شَفَاعَتهُ          لِكُلِّ هَوْلٍ مِّنَ الاهْوَالِ مُقْتحمِ

 

لمَّا كان كونه عليه السلام سيِّد جميع الانام نظريا عند بعض الاقوام اراد ان يثبته بدليل في غاية الاحكام فقال: ½هو الحبيب الذي... الخ¼ اي: لانّه هو الحبيب الذي فيمكن ان يرتب هاهنا قياس تقريره هكذا: محمد سيد الكونين والثقلين لانّ محمدا هو الحبيب الذي يرجو كل الناس شفاعته، وكل من شانه كذا فهو سيد الكونين والثقلين، فينتج المطلوب، ثم اعلم ان جملة ½هو الحبيب¼ صفة بعد صفة لمحمد، واورد ضمير الفصل ليدل على الحصر، وهو مبتدا راجع اليه عليه السلام و½الحبيب¼ بالرفع خبره، وتعريف الخبر باللام لافادة قصره على المبتدا، فان قلت: كيف يجوز حصر الحبيبية فيه عليه السلام مع ان ابراهيم عليه السلام خليل الله تعالى بل كل من اتبع الرسول فهو محبوب الله تعالى كما يدل عليه قوله تعالى: ﴿ قُلۡ ان كُنتمۡ تحبونَ ٱللَّهَ فَٱتبعُونِي يُحۡببۡكُمُ ٱللَّهُ ﴾ [ال عمران: ٣١]،؟ وما اجيب عن هذا السوال من ان الحصر هذا اضافي يعني: بالنسبة الى بعض الانبياء، فيرده المقام اذ هو لا يناسب المقام لانّه مقام المدح فيقتضي المبالغة، والحق في الجواب: ان الحصر في هذا الباب حقيقي، ويجوز ذلك الحصر فيه عليه السلام وما اوردتم من ان ابراهيم عليه السلام خليله لا يضر الحصر لانه فرق جلي بين الحبيب والخليل من وجوه؛ لان الخليل فعيل بمعنى: الفاعل مسند الى ابراهيم عليه السلام في قوله تعالى: ﴿ وَٱتخذ ٱللَّهُ ابۡرٰهِيمَ خلِيلٗا﴾ [النساء: ١٢٥]، واما الحبيب: فيحتمل ان يكون بمعنى


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310