الظلم، الليل مجازا فبعيد كل البعد، ثم اعلم! انهم قالوا: ان انكار معراجه عليه السلام من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى وكونه بروحه وجسده كفر بلا نزاع، واما من المسجد الاقصى الى السموات العلى، ففيه اختلافات، فمنكره لا يكون كافرا.
١٠٨ وَبت ترقىٰ الَى انْ نِلْت مَنْزلَةً مِنْ قَاب قَوْسَيْنِ لَمْ تدركْ وَلَمْ ترمِ
فلَمَّا كانت مظنة ان يتوهم من البيت السابق ان سيره انّما كان من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى دون غيره من المنازل العلى كما ذهب اليه المعتزلة اراد دفعه فقال: ½وبت ترقى... الخ¼، فـ½بت¼ ماض مخاطب من البيتوتة، وفي نسخة ½ظلت¼ بفتح الظاء وكسرها، فعلى كلتا النسختين بمعنى صرت. و½ترقى¼ بمعنى تصعد، و½الى¼ متعلق بـ½ترقى¼، و½نلت¼ بكسر النون ماض مخاطب من ½النيل¼ بمعنى الوصول، ومنزلة بالنصب مفعول نلت و½من¼ بيان للمنزلة، و½قاب قوسين¼ بالنصب محكى على انه محكى عما وقع في القران، و½القاب¼ بمعنى المقدار، و½القوسين¼ من قسى العرب، وهو عبارة عن كمال القرب مع رعاية الادب، وذكر القوس لكونه مذكورا في القران، والقران نزل بلُغَة العرب، وانما كان قاب قوسين عبارة عن كمال القرب لان عادة العرب ان الاميرين او الخليفتين اذا ارادا الصلح وعقدا العهد والصفاء خرجا بقوسهما فالصق كل واحد منهما طرف قوسه بطرف قوس صاحبه، والمعنى: فقد وصلت الى منزلة هي كمال القرب ومعنى قرب الرسول عليه السلام الى الله ودنوه منه انّما هو قرب المكانة لا قرب المكان ولا قرب الزمان بل هو قرب اللطف والمحبة بلا مشابهة الى قرب الانسان. و½لم تدرك¼ مضارع مجهول مؤنت، والجملة صفة ½منزلة¼ اي:لم يدرك تلك المنزلة احد من الانسان ولا ملائكة الرحمن بل ½لم ترم¼، وهو على صيغة المجهول من ½الروم¼ بمعنى الطلب اي: فقد وصلت الى منزلة لم يطلب تلك المنزلة احد غيرك؛ لانّه ممتنع في حق غيرك فلا وجه لطلب ما هو ممتنع، وفي البيت اشارة الى ما ورد في الحديث من انه عليه السلام قال: عرج بي جبرائيل الى سدرة المنتهى ودنا الجبار رب