عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

السلام¼، وقول ابي هريرة: ½اذا ضحك رسول الله يتلالا في الجدر¼[1]، فان قلت: المستفاد من هذا الحديث ثبوت ضحكه عليه السلام مع انه ينفيه ما روي عن عائشة رضي الله تعالى عنها حيث قالت: ½ما رايت رسول الله عليه السلام مستجمعا قط ضاحكا¼[2] قلت: ان عائشة انما نفت رؤيتها، وابو هريرة اخبر بما شاهد، والمثبت مقدم على النافي، وقال ابن حجر: والذي يظهر من مجموع الاحاديث انه عليه السلام كان في اكثر احواله لايزيد على التبسم وربما زاد على ذلك فضحك فان لم يكن ماذكرته لك كافيا بالوفاء فعليك بما في "المواهب" و"الشفا"، فلعله يكون لك به اكتفاء ثم اعلم! ان هذا البيت رابع الابيات الستة التي تمايل فيها النبي عليه الصلاة والسلام ويلزم لقارئه ان يكرره وترا.

 

٥٥     كَالزهْر فِيْ ترفٍ وَالْبدر فِيْ شَرفٍ       وَالْبحر فِيْ كَرمٍ وَالدهْر فِيْ هِمَمِ

 

ثمَّ شَرع فى تفصيل اوصافه من خلْقه وخلُقه فقال: ½كالزهر في ترف... الخ¼ المصراع الاول لبيان حسن خلقه وصورته، والثاني لبيان حسن خلقه وسيرته، فقوله: ½كالزهر¼ ظرف مستقر مجرور على انه صفة بعد صفة لـ½نبي¼ او مرفوع على انه خبر مبتدا محذوف اي: هو كالزهر، والكاف للتشبيه، و½الزهر¼ بفتح الزاي المعجمة نور النبات قيل: هو مختص باصفره لكن الاصح انه اعم، وجمعه ازهار وازاهر، والزهر ايضا يقال: لشيء نوراني في غاية الضياء الذي وجهه يلمع كالسراج الوهاج، والمراد هاهنا المعنى الاول بقرينة سياقه و½في ترف¼ متعلق بالتشبيه المستفاد من الكاف فهو بيان لوجه الشبه، و½الترف¼ بفتحتين النعومة في الجلد، والاولى ان يكون المراد من ½الزهر¼ الورد؛ لانه سلطان الازهار مع طيب رائحته ولطافة نعومته على سبيل المجاز بذكر العام وارادة الخاص، وعلى التقديرين يكون التشبيه مقلوبا، والا فلم يكن بشيء انعم واترف واطيب والطف من رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولو كان التشبيه على حقيقته لزم ان تكون نعومته عليه السلام انقص من الزهر؛ اذ قاعدة التشبيه نقصان ما يشبه، وهو غير صحيح


 



[1]     "مصنف عبد الرزاق"، كتاب العلم، باب في صفة النبي عليه السلام، الحديث: ٢٠٦٥٧، ١٠/٢٤٢

[2]     "صحيح الخاري"، كتاب الأدب، باب التبسم والضحك، الحديث: ٦٠٩٢، ٤/١٢٥




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310