كان او انثى واحدا كان او جمعا نحو قوله تعالى: ﴿ بشَرا سَوِيّٗا ﴾ [مريم: ١٧]، وقوله: ﴿َامَّا تريِنَّ مِنَ ٱلۡبشَر احدا﴾ [مريم: ٢٦]، وقد يثنى ويجمع على البشار، فان قلت: هل العلم بكونه صلى الله تعالى عليه وسلم بشرا ومن العرب شرط في صفة الايمان او هو من فروض الكفاية؟ قلت: اجاب عنه "الشيخ ولي الدين العراقي" بانه شرط في صحة الايمان، لانهم قالوا: لو قال شخص: امنت برسالة محمد عليه السلام الى جميع الخلق، ولكن لا ادري هل هو من البشر او من الملائكة او من الجن، او لا ادري هل هو من العرب او من العجم، فلا شك في كفره لتكذيبه القران وجحده ما تلقته قرون الاسلام خلفا عن سلف، وصار معلوما بالضرورة عند الخاص والعام، ولا اعرف في ذلك خلافا وان كان جاهلا بالقران، او كان في غيب لا يعرف ذلك الاتفاق وجب تعريفه له، فان جحده بعد ذلك حكمنا بكفره انتهى. قوله: ½وانه خير خلق الله كلهم¼ عطف على ½انه بشر¼، و½الخير¼ قد سبق تفصيله، و½الخلق¼ بمعنى المخلوق، وضمير ½كلهم¼ راجع الى الخلق، وجمعيته باعتبار المعنى، او مبنية على ما ذكره القاضي من ان ضمير الجمع قد يرجع الى المفرد وبالعكس، وانما اكد بـ½الكل¼ دفعا لخلاف البعض.
وحاصل معنى البيت: ان نهاية بلوغ علمنا وغاية وصول فهمنا في مبنى ذاته انه بشر عظيم وجوهر جسيم من افراد الانسان واجياد الاعيان، وفي معنى صفاته انه افضل المخلوقات وسيد الكائنات.
٥٢ وَكُلُّ ايٍ اتى الرسْلُ الْكِرامُ بهَا فَانَّمَا اتصَلَت مِنْ نُوْرهِ بهِمِ
لَمَّا كان قوله في المصراع الثاني ½وانه خير خلق الله كلهم¼ نظريا اثبته واحكمه فقال: ½وكل اي اتى الرسل... الخ¼، فالواو عاطفة، والعطف من قبيل عطف العلة على معلولها اي: اذ كل اي، فيمكن ان يرتب هاهنا قياس من الشكل الاول بادنى تغيير بان يقال: نبينا خير الانبياء كلهم؛ لان نبينا عليه الصلاة والسلام كل اي اتى الرسل الكرام بها، فانما اتصلت من نوره بهم، وكل من شانه كذلك، فهو خير الانبياء كلهم، فينتج المطلوب، وترتيبه من الاستثنائي سهل لمن هو اهل. و½كل¼ بالرفع مبتدا مضاف الى نكرة فيفيد عموم الافراد فيناسب المقام، و½الاي¼ جمع اية بمعنى العلامة الظاهرة