يكون فيه بين العابد والمعبود خلو من الاغيار وتكون فيه الدعوات اسرع اجابة اذ هو وقت الاخيار، ولذا قيل: انّ العابد في الليالي يستحق اجرين اجرا لترك النوم واجرا للعبادة مع انّ ترك النوم في الليالي الكثيرة المتوالية واحياء جميعها بالصّلاة لا يقدر عليه الا رسول الله الوهاب، الهي! لا تجعلنا ممّن ضلّ وغوى فاخذته بذنوبه فَتوِيَ واحشرنا في زمرة من لا ينطق عن الهوى.
٣٠ وَشَد مِنْ سَغَب احشَاءَهُ وَطَوٰى تحت الْحجارةِ كَشْحا مُترفَ الادمِ
لَمَّا بين عبادته صلى الله تعالى عليه وسلم التي هي الوسيلة الى الدرجات العليا في العقبى شرع في بيان مقام زهده في الدنيا واختياره الرياضة في مرضاة المولى فقال: ½وشد من سغب... اه¼ الواو عاطفة فجملة ½شد¼ معطوفة على ½احي¼، ومعنى ½شد¼ عقد وكلمة ½من¼ سببية اي: بسبب سغب، و½السغب¼ بفتحتين الجوع مطلقا، وقيل: السغب الجوع المقارن بمشقة وتعب والمعنى هنا عقد من اظهار سغب ليستن به غيره من الصحابة الكرام عليهم رضوان الله الملك العلام، والا فهو صلى الله تعالى عليه وسلم لا يجوع اصلا لانّ قلبه مملوء بنور مولاه لا يحتاج الى الاكل وشرب المياه مع انه يطعمه ربه ويسقيه كما ورد في حديثه عليه الصلاة والسلام: انا ابيت عند ربي يطعمني ويسقيني[1]، و½احشاء¼ بالنصب مفعول ½شد¼، وضميره راجع الى الموصول، و½الاحشاء¼ جمع حشي بمعنى القلب وانّما جمع مع انه ماجعل الله لرجل من قلبين في جوفه للتعظيم والتفخيم كما في قوله تعالى: ﴿ فَنِعۡمَ ٱلۡمَٰهِدونَ﴾ [الذاريات:٤٨] فيكون مجازا واستعارةً بان شبه قلبه عليه الصلاة والسلام بالقلوب الكثيرة في العظم والخطر ثم استعير القلوب لقلبه عليه الصلاة والسلام، وذكر القلوب، واريد منها قلبه عليه الصلاة والسلام وقوله: ½وطوى¼ عطف على ½شد¼ عطف تفسير فحرف العطف بمعنى حرف التفسير او من قبيل عطف العلة على المعلول فحرف العطف بمعنى ½اذ¼ ومعنى ½طوى¼ لف، وقال الشهاب في "شرح الشفاء" في معنى الحديث: انّه قال ابن عباس: كان رسول الله صلى