عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

يقال: انه ادعائي فليتامل. وقوله: ½فجوهر الحسن فيه... الخ¼، ½الفاء¼ للتنيجة اي: لما كان منزها عن شريك في محاسنه لزم ان يكون جوهر الحسن الذي فيه غير منقسم، والا اي لو كان جوهر الحسن الذي فيه منقسما للزم ان يكون مشتركا فيه اذ الانقسام انما يكون بالتقسيم اليه والى غيره لكن التالي باطل، والمقدم مثله، فثبت نقيضه، وهو ان جوهر الحسن الذي فيه غير منقسم، و½الجوهر¼ اختلف فيه هل هو معرب او لا؟ قال بعضهم: انه معرب گوهر فارسي، وقال بعضهم: انه مشتق من الجهر او من الجهارة، وهو يجيء بمعنى: الحجر المستخرج من البحر المنتفع به كالياقوت والزبرجد والزمرد، وبمعنى: اصل الشيء وجبلته الذي طبع عليه، والجوهر عند الحكماء خمسة: الاول: الهيولى، والثاني: الصورة، والثالث: الجسم، والرابع: العقل، والخامس: النفس، وعند المتكلمين اثنان: الاول: الجوهر الفرد الذي لا يتجزا، والثاني: النفس، وتفصيل الكلام في علم الحكمة والكلام. والمراد منه هاهنا هو الثاني اعني: اصل الحسن ومادته الذي خلق عليه الحسن، فلا حاجة الى جعله بمعنى الحجر المنتفع به، وجعل اضافته بيانية او جعله بمعنى الجوهر الفرد الذي لا تجزا لان كله تكلف، والشارحون وقعوا هاهنا في حيْص بيْص. وقوله: ½فيه¼ ظرف مستقر صفة الحسن الكائن فيه، او خبر، او حال من الحسن، فمن جعله متعلقا بقوله: ½غير منقسم¼ وقع في تكلف، وقوله: ½غير منقسم¼ خبر، او خبر بعد خبر، ومعناه: غير مشترك فيه بل هو منفرد بذلك الجوهر الفائض من معدن الكمال ومنبع الخير، ثم اعلم! ان في هذا البيت لطافة حيث اثبت الجوهر للحسن الذي هو عرض وحكم عليه بعدم الانقسام، وهو بحث طويل بين اهل الحكمة والكلام، والحمد لله المَلِك المِنْعَام.

 

٤٣     دعْ مَا ادعَتهُ النَّصَارٰى فِيْ نَبيِّهِمِ وَاحكُمْ بمَا شِئْت مَدحا فِيْهِ وَاحتكِمِ

 

لَمَّا جعل عليه الصلاة والسلام منزها عن الشريك في جميع اوصافه ومحاسنه توّهم منه بعض العوام انه يجوز وصفه عليه الصلاة والسلام بما وصف به النصارى نبيَّهم عيسى عليه الصلاة والسلام لانّ ذلك الوصف نهاية الاوصاف وغاية الامداح فدفع ذلك الوهم


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310