من ذلك الضيف اعني الشيب بالخضاب بالحنّاء لانه سنة[1]من نزل عليه الوحي في جبل حراء، فلا يعرف احد امري، ولا يظهر سري، ويرفع عني الفضاحة، ويقطع مني الهجو والشناعة، وتلخيصه اني لو كنت عالما باني لا اكون عاملا في حال الاختيار والشيخوخة وزاهدا وتاركا للسيئات والشرور لكتمت شيبي بالخضاب بالحناء حتى لا يهجوني الناس بانه كان شيخا ذا شيب، وهو في هذ السن لا يكون عاملا وزاهدا بل يكون تاركا للاوامر والسنن لكن ما علمت عدم عملي فلا كتمت فقد هجوني هذا ما ظهر للخاطر الفاتر، ونِعْم ما قيل: معنى الشعر في بطن الشاعر.
١٦ مَنْ لِّيْ برد جمَاح مِّنْ غَوَايَتهَا كَمَا يُرد جمَاح الْخيْلِ باللُّجمِ
فكانّه لما عجز عن سوء نفسه الامارة الغدارة المكارة ولم تقبل نصيحة الناصح الكامل فكانه قيل له، اصلح نفسك بارشاد المرشد الكامل لان المرشد له ارشاد كل من استغرق في الهوى، ولم يعلم ذلك الا النبي والولي، وبه يكون اكثر الفاسقين صالحا، واوفر العاصين زاهدا بل كل رجل يلزم له ان ينيب الى مرشد كامل، ولهذا قال ابو يزيد البسطامي: ½مَنْ لَّمْ يَكُنْ لَه شَيْخ فَشَيْخه شَيْطَان¼، وقال غيره: لو ان الرجل يوحى اليه ولم يكن له شيخ لا يجيء منه شيء، والى ما قلنا يشير قوله تعالى: ﴿ وَٱبۡتغُوٓا الَيۡهِ ٱلۡوَسِيلَةَ ﴾ [المائدة: ٣٥] فقال مجيبا لذلك القائل: ½من لي... الخ¼، الاستفهام اما انكاري اي: هل يوجد كفيل يتضمن لي برد... الخ اي: لا يوجد كفيل يتضمن ذلك المذكور لان نفسي
[1] واعلم أن الخضاب بالسواد لم يثبت عن نبينا صلى الله عليه وسلم قطعا بل الأحاديث الكثيرة واردة على المنع كما حقق الإمام أحمد رضا خان عليه رحمة الرحمن في رسالته "حک العيب فی حرمة تسويد الشيب":حرم الخضاب بالسواد مطلقاً إلا للجهاد والأحاديث الصحيحة المعتبرة ناطقة على حرمته،في المعجم الكبير والحاكم للمستدرك عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصفرة خضاب المومن والحمرة خضاب المسلم والسواد خضاب الکافر، وفي الديلمي وابن النجار عن أنس ابن مالك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أول من خضب بالحِنّاء والکتمِ ابراهيمُ وأول من اختضب بالسواد فرعونُ وقال العلامة المناوي تحت هذا الحديث: فلذلک کان الأول مندوباً والثانی محرماً الا للجهاد وفي المحيط: الخضاب بالسواد قال عامّة المشائخ: إنه مکروه، وفي الذخيرة: عليه عامّة المشائخ، وقال الشيخ المحقق عبد الحق الدهلوي في "شرح المشكاة": خضاب بسواد حرام ست وصحابه وغيرهم خضاب سرخ می کردند وگاھے زرد نيز ملخصاً، وهذا هو القول المختار و مذهب الجُمهور.
("الفتاوى الرضوية" ٢٣/٤٩٣-٤٩٦ ملخصاً)