عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

هَنِيئَا مَريئَا وَالِداكَ عَلَيْهِمَا          مَلابسُ انْوَار مِنْ التاج وَالْحلى

فَمَا ظَنُّكُمْ بالنَّجلِ عِنْد جزائِهِ      اولَئِكَ اهْلُ اللهِ وَالصَّفْوَةُ الْمَلا

 

١٠١   كَانَّهَا الْحوْضُ تبيَضُّ الْوُجوْهُ بهِ      مِنَ الْعُصَاةِ وَقَد جاؤُهُ كَالْحمَمِ

 

لَمَّا فرغ من بيان بعض فضائلها وفواضلها وخواصها اراد ان يبين بعضا من شفاعتها يوم القيامة للعصاة فقال: ½كانّها الحوض... الخ¼، ½كانّ¼ للتشبيه، والضمير للايات، و½الحوض¼ مجاز اي: ماءه والف واللام في الحوض للعهد، فالمراد الكوثر الذي وعد له عليه السلام، وهو ثابت باجماع اهل السنة والاحاديث الصحيحة كقوله عليه السلام: حوضي مسيرة شهر وزواياه سواء، وماؤه اشد بياضا من اللبن، وريحه اطيب من المسك، وكيزانه اكثر من نجوم السماء من شرب منه لا يظما ابدا[1]، وفي تقديم الحوض على الصراط ترجيح لقول من قال: ان الحوض مقدم في الحشر على الصراط اذ فيه اختلاف قال القرطبي: ذهب صاحب "القوت" وغيره الى انّ الحوض بعد الصراط، والصحيح انّه قبله، وكذا قال الغزالي: ذهب بعض السلف الى ان الحوض يورد اليه بعد الصراط، وهو غلط من قائله قال القرطبي: المناسب لكون الناس يخرجون من قبورهم عطاشا تقديم الحوض، وقيل: هو اثنان في القيامة، وفي الجنة، وقيل: هو فى الجنة لكن ينقل من الجنة الى العرصات ومن العرصات الى الجنة وقيل: هو في ظهر ملك يسير الى اين سار النبي عليه الصلاة والسلام. قوله: ½تبيض¼ بيان لوجه الشبه يعني ان الاية مشبهة بالحوض في تبييض الوجه، وجملة ½تبيض¼ بالرفع صفة الحوض، فان قلت: كيف يجوز جعل جملة تبيض صفة للحوض مع انه لا مطابقة بينهما في التعريف والتنكير اذ الجملة نكرة؟ قلت: قد حقق في محله ان الصفة ثنتان صفة خاصة للموصوف وصفة عامة له، فالمطابقة انما تلزم في الثاني لا في الاول، والصفة هاهنا من قبيل الاول كما لايخفى. و½الوجوه¼ اما على حقيقتها، واما المراد بها ذواتها على طريق المجاز اللغوي او الحذفي، ويؤيد الثاني بيانها بالعصاة و½به¼ متعلق بـ½تبيض¼، والضمير للحوض. و½من العصاة¼ بيان


 



[1]     "صحيح البخاري"، كتاب الرقاق، باب في الحوض، الحديث: ٦٥٧٩، ٤/٢٦٧. "مشكاة المصابيح"، كتاب أحوال القيامة وبدء الخلق، باب الحوض والشفاعة، الفصل الأول، الحديث: ٥٥٦٧، ٢/٣١٨.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310