صلى الله تعالى عليه وسلم لم يكتب ولم يقرا من كتاب الاولين قطعا كما قال الله تعالى: ﴿ وَمَا كُنت تتۡلُوا مِن قَبۡلِهِۦ مِن كِتٰبٖ وَلَا تخطُّهُۥ بيَمِينِكَۖ﴾ الاية، [العنكبوت: ٤٨] بخلاف سائر الخلق.
٤١ فَهْوَ الَّذيْ تمَّ مَعْنَاهُ وَصُوْرتهُ ثمَّ اصْطَفَاهُ حبيْبا بارئُ النَّسَمِ
لمّا كانت الابيات السابقة دليلا على كونه عليه الصلاة والسلام حبيبا كاملا وكانت تلك ثابتة مبينة انتجت المطلوب فلذا قال: ½فهو الذي تم... الخ¼ فالفاء في ½فهو¼ للنتيجة، و½هو¼ بسكون الهاء، وهو راجع الى نبينا عليه الصلاة والسلام، و½تم¼ بمعنى: كمل من تمام الشيء بمعنى: كماله، و½المعنى¼ اسم مكان او مصدر ميمي بمعنى: المفعول او مخفف معنى اسم مفعول من عنيت بكلامي كذا اي: قصدته، فمعنى الشيء هو المقصود منه، ومنه الرجل كماله اي: الذي تم به، و½الصورة¼ بمعنى: الشكل والهيئة، وانما قدم المعنى على الصورة لكون المعنى اصل المقصود، والمراد من المعنى والصورة هاهنا كماله الباطني وكماله الظاهري اعني: حسن خلقه وعظم خلقه، او الوحي الباطني والبعث الظاهري، او طريقته وشريعته، او روحانيته وجسمانيته، او علمه وعمله، او عبادته للحق ومعاملته للخلق، وكلمته ½ثم¼ اما على اصلها اعني: للتراخي الزماني بناء على ان المراد من اصطفائه حبيبا بعد بعثه، ولا شك ان بعثه متراخ عن بلوغه الى مرتبة الكمال وبناء على ان اصطفاءه حبيبا كان في المعراج، حيث حكي ان الله تعالى قال له في تلك الليلة: يا محمد! ان الملوك اذا اثاروا عبدا بايتاء الملك اياه وجعله ملكا ذا اعتبار بادروا لاظهار شرفه فاي شيء تريد ان نجعل لك؟ فقال عليه السلام: اضفني اليك يارب بالعبودية فارسل اليه ﴿ سُبۡحٰنَ ٱلَّذيٓ اسۡرىٰ بعَبۡدهِۦ ﴾ الاية [الاسراء: ١]، وقال: هذا ما طلبت ولك احسن من هذا، وهو اضافتك الينا بالحبيبية، فانت حبيب الله فلا شك ان المعراج كان بعد البعثة والكمال، واما للتراخي الرتبي، فيكون في ½ثم¼ مجاز واستعارة تبعية لان الحقيقة فيه التراخي الزماني وذلك بتشبيه التباعد الرتبي بالتراخي الزماني في الاشتمال على مطلق التباعد وتكون نكتة المجاز الاشارة الى ان مرتبة الاصطفاء اعلى من مرتبة الكمال