عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

و½الاصطفاء¼ بمعنى الاختيار والانتخاب. و½حبيبا¼ حال من ضمير ½اصطفاه¼، او مفعول ثان له بتضمين معنى الجعل، و½البارئ¼ بمعنى الخالق كما في قوله: ع يا بارئ البر ابرئني بمستمل. و½النسم¼ بفتحتين جمع نسمة، وهي النفس اوكل ذي روح، وقيل: هي الادمي، ثم اعلم! ان في هذا البيت ايماء الى وجه انتظار الاصطفاء الى المدة الاربعينية وترجيحه على عيسى ويحيى ممن اعطي النبوة في حال الطفولية، وان كان المتبادر الى الوهم عكس هذه القضية وتلويحا الى قوله تعالى: ﴿ ٱللَّهُ يَصۡطَفِي مِنَ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ رسُلٗا ﴾ الاية [الحج: ٧٥] وتلميحا الى حديث روي عن واثلة بن الاسقع انه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: ان الله اصطفى من ولد ابراهيم اسماعيل واصطفى من ولد اسماعيل بني كنانة واصطفى من بني كنانة قريشا واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم[1] ولو تاملت معاني البيت لوجدت فيه اشارة الى شيء كثير كما لايخفى.

 

٤٢      مُنَزهٌ عَنْ شَريْكٍ فِيْ مَحاسِنِهِ         فَجوْهَر الْحسْنِ فِيْهِ غَيْر مُنْقَسِمِ

 

لمَّا بين الناظم الفاهم الصفات الثبوتية له عليه السلام شرع في بيان صفاته السلبية، ثم لما علم مما سبق ان نبينا فائق على جميع الانبياء والاولياء فانهم لم يصلوا الى خلقه الباطني وخلقه الظاهري ناسب ان يسلب عنه الشريك في محاسنه، فقال: ½منزه عن شريك في محاسنه... الخ¼، ½منزه¼ خبر مبتدا محذوف، وهو على صيغة اسم مفعول من التنزيه بمعنى التبرئة والتبعيد و½شريك¼ نكرة وقع في سياق النفي، فيفيد العموم، فان قيل: لم يكن في هذا المقام نفي حتى يفيد العموم؟ قلنا: وان لم يكن في الظاهر لكنه في معنى التنزيه؛ لانه في معنى لم يكن له شريك، وهو فعيل بمعنى فاعل اي: معادل، و½المحاسن¼ جمع حسن على خلاف القياس، وهو متعلق بـ½شريك¼، وانما لم يقل في شمائله ليعم الحسن والجمال، ولا يخص الخلق والخصال، ولقائل: ان يقول: ان هذا الحكم اي: كونه عليه السلام منزها عن شريك في كل محاسنه فاسد لانه قد كان سائر الانبياء شريكا له في محاسن النبوة والرسالة وعدم العبادة لغير الله، اللّهم الا ان


 



[1]     "سنن الترمذي"، كتاب المناقب عن رسول الله، فصل في فضل النبي، الحديث: ٣٦٢٥، ٥/٣٥٠.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310