عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

يكون بشرف الارواح، فكذلك شرف الحروف انما هو بشرف معانيها وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: انّ القران لا يَشْبعُ منه العلماء[1] قيل: لكمال لذته ونهاية حلاوته ولما فيه من الاسرار العجيبة والبدائع الغريبة والاساليب المستحسنة والعجائب المستكملة.

 

٩٨      فَلا تعَد وَلا تحصَى عَجائِبهَا         وَلا تسَامُ عَلَى الاكْثار بالسَّامِ

 

لَمَّا توهّم من تشبيه معاني الايات كموج البحر كون معانيها متناهية اذ موج البحر متناه مع ان معاني الايات غير متناهية بالاتفاق اراد دفعه بتفصيل ما قبله فقال: ½فلا تعد ولاتحصى... الخ¼، ½تعد¼ و½تحصى¼ كلاهما على صيغة المجهول، فالاول من العد، والثاني من الاحصاء، والفرق بينهما ان الاول العد واحدا واحدا، والثاني جملة جملة، و½عجائبها¼ بالرفع جمع عجيبة وهو ما يتعجب منه، وكذلك العجاب بالتخفيف والتشديد والاعجوبة، وضميرها راجع الى الايات يعني ان الايات لا تعد عجائبها، ولاتحصى غرائبها من العلوم الغريبة والاسرار العجيبة والدقائق اللطيفة في كل حد وزمان وجميع وقت وان وقوله: ½ولا تسام¼ دفع لتوهم مقدر، وهو انّ القران اذا كان مشتملا على معان كثيرة لاتعد ولاتحصى تترك لاعطائها الملالة لناظرها، وتقرير الجواب ظاهر. و½لا تسام¼ مضارع مجهول على صيغة التانيث اي: لا تترك لانّه من ½سامت السائمة¼ اذا تركت على حالها او بمعنى لا يقاس منها ولا يتعب، فالضمير على كلا المعنيين راجع الى الايات، و½على الاكثار¼ متعلق بـ½تسام¼، و½على¼ بمعنى مع كما في قوله تعالى: ﴿وَيُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حبهِۦ ﴾ الاية [الدهر: ٨]، والاكثار: الاتيان بالكثير، والالف واللام عوض عن المضاف اليه اي: اكثارها، و½بالسام¼ الباء سببية متعلقة بـ½لاتسام¼ و½السام¼ بفتحتين السامة والملالة يعني: انّ الايات لكونها في اعلى طبقات المعجزات لا تترك بالملالة من اكثارها بل كلما ازدادت ازداد فرح قارئها، وفي البيت تلميح الى قوله عليه السلام: ان هذا القران لا تنقضي عجائبه ولا يخلق من كثرة الترداد[2] يعني: انّ


 



[1]     "شعب الإيمان" للبيهقي، باب في تعظيم القرآن، فصل في تعليم القرآن، الحديث: ١٩٣٥، ٢/٣٢٥.

[2]     "سنن الدارمي"، ومن كتاب فضائل القرآن باب فضل من قرأ القرآن، الحديث: ٣٣١٥، ٢/٥٢٣.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310