فحذفت الالف فبقي ½ليس¼، ثم اعلم! ان القاعدة في كلمة ½ليس¼ انه اذا دخل على الفعل يكون اسمه ضمير شان، فهاهنا كذلك و½يرى¼ مضارع على صيغة المجهول اما من الرؤية البصرية، او من الرؤية القلبية، فان كان من الاولى يكون قوله الاتي مفعولها القائم مقام الفاعل، وان كان من الثانية فالمفعول الثاني احد الجارين مع المجرور، وقوله: ½للقرب¼ وقع في بعض النسخ بـ½في¼، وبعضها باللام، فاللام بمعنى ½في¼ والقرب والبعد اما زمانيان او مكانيان، و½منه¼ وقع في بعض النسخ بدله ½منهم¼ فعلى الاول يكون الضمير راجعا الى معناه، وعلى الثاني يكون راجعا الى ½الورى¼، و½الانفحام¼ قبول الالزام، والمراد به العجز عن اتيان كمال معناه.
وحاصل معنى البيت: ان فهم معانيه الخفية البهية وكمالاته العلية السنية اعجز الكائنات باسرها والمخلوقات بشرا شرها فلايبصر بل لايعلم للقرب والبعد غير العجز عن ادراك حقيقة معناه وغير السكوت عن حقيقة مبناه، فكان وصفه عليه الصلاة والسلام اصعب من جميع الجهات بين الانام، ولذا قال الشيخ بدر الدين الزركشي: ولهذا لم يتعاط فحول الشعراء المتقدمين كابي تمام والبحتري وابن الرومي مدحه عليه السلام مع كونهم مسومين بالفصاحة والبلاغة بين الانام لان مدحه عليه السلام كان من اصعب ما يحاولونه، فان المعاني دون مرتبته والاوصاف دون وصفه، وكل علو في حقه تقصير، فيضيق على البليغ وصفه وقال في "تذكرة القرطبي": لم يظهر كمال حسنه عليه السلام، والا لما اطاقت اعين الصحابة رضي الله تعالى عنهم النظر اليه انتهى.
٤٩ كَالشَّمْسِ تظْهَر لِلْعَيْنَيْنِ مِنْ بعُد صَغِيْرةً وَتكِلُّ الطَّرفَ مِنْ امَمِ
لَمَّا كان في مفهوم البيت الاول خفاء اتى له بنظير فقال: ½كالشمس تظهر... الخ¼ ½الشمس¼ كوكب نهاري مضيء لجميع العالم. و½تظهر¼ من الظهور على صيغة الثانيث لانّ الشمس مؤنث، و½تظهر¼ مع ما بعده اشارة الى وجه التشبيه بالشمس لا مطلقا، وقد بيّن عيب التشبيه بها على الاطلاق ابو نواس حيث قال:
يتيهُ الشمسُ والقمر المنير اذا قلنا كانّكما الامير
لانّ الشمسَ تغرب حينَ تمسي وانّ البدر يُنقصُهُ المَسير