الحديد، فاعطي نبينا عليه السلام مثل ذلك، وزاد عليه ما اعطي من الخشب لبعض الاصحاب حيث كان سيفا قويا، واما عد الجن من جنود سليمان عليه السلام فخير منه عد الملائكة مع جبريل من جملة اجناده عليه الصلاة والسلام واما ما اعطيه من الملك فنبينا عليه الصلاة والسلام خير بين ان يكون نبيا ملكا وبين ان يكون نبيا عبدا فاختار ان يكون نبيا عبدا، واما ما اعطي عيسى عليه الصلاة والسلام من ابراء الاكمه والابرص واحياء الموتى فاعطي سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام جميع ذلك لانه رد العين الى مكانها بعد ما سقطت فعادت احسن ما كانت، وكذا ما روي ان امراة معاذ بن عفراء كانت برصاء فشكت الى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فمسح عليها بعضا فذهب البرص منها ذكره الرازي، واما احياءه عليه الصلاة والسلام الموتى فقد سبق فتذكره وما ذكرنا كواحد من العشر بالنسبة الى ما جاء في هذا البحث من الخبر.
٥٤ اكْرمْ بخلْقِ نَبيٍّ زانَهُ خلُقٌ بالْحسْنِ مُشْتمِلٍ بالْبشْر مُتسِمِ
لَمَّا بين اجمالا حسن خلقه وصورته عليه الصلاة والسلام بتشبيه بالشمس اراد ان يذكر بعضا من تفصيله مع جعل بيان بعض خلقه وسيرته تابعًا له فقال: ½اكرم بخلق نبي زانه خلق... الخ¼، ½اكرم¼ فعل تعجب على صيغة امر الحاضر، والفاعل مستتر راجع الى الله اي: ما اكرم الله بخلق نبي اي: تعجب من اكرام الله بخلق نبي، والباء فيه زائدة على ما ذهب اليه الاخفش متعلق بـ½اكرم¼، و½الخلق¼ بمعنى الذات والصورة، والتنوين في ½نبي¼ للتعظيم اي: نبي فخيم، والمراد محمد عليه الصلاة والسلام بقرينة المقام، وجملة ½زانه¼ صفة ½النبي¼، وهو من الزينة، و½زان¼ يتعدى بنفسه، كقول امرئ القيس في قصيدة المعلقة:
وفرعٍ يَزينُ المَتنَ اسْوَد فاحمٍ اثيث كقِنْوِ النَّخلَةِ المُتعَثكِلِ
و½الخلق¼ بالرفع فاعل ½زان¼، وهو بضمتين جمع خلق بمعنى الصفة والسيرة، والمراد شمائله عليه السلام، وقد اشار في هذا المصراع الى ان حسن الصورة انما هو حسن ان كانت الاخلاق حسنة، و½بالحسن¼ متعلق بـ½المشتمل¼ المؤخر، وانما قدم ليفيد الحصر، والالف واللام للاستغراق يعني اشتمال جميع انواع الحسن مقصور على نبينا عليه السلام دون غيره، و½مشتمل¼ بالجر صفة بعد صفة لـ½نبي¼، وهو على صيغة اسم الفاعل من