وصورته، وهذه القصة طويلة يتحير منها الافهام حتى ان بعض الفضلاء الكرام وضعوا لمولده عليه السلام كتابا مستقلا في حسن النظام، ومن اراده فعليه الرجوع والقيام.
٦٠ يَوْمَ تفَرسَ فِيْهِ الْفُرسُ انَّهُمْ قَد انْذروْا بحلُوْلِ الْبؤْسِ وَالنِّقَمِ
لَمَّا قدر المفعول في البيت السابق اعني: قوم عجائب او علامات وكان ذلك في غاية الاجمال اراد ان يفصله بذكر بعض منه فقال: ½يوم تفرس فيه الفرس... الخ¼، ½يوم¼ بدل من ½المولد¼، والمراد من ½اليوم¼ النهار، وقد يستعمل في مطلق الزمان لكن المراد هنا النهار اذ المشهور والاصح انه عليه السلام ولد يوم الاثنين، فعن قتادة انه عليه السلام سئل عن صيام يوم الاثنين، فقال: ذلك يوم ولدت فيه[1] وعن ابن عباس انه قال: ½ولد عليه السلام يوم الاثنين، وانزل عليه النبوة يوم الاثنين، وخرج مهاجرا يوم الاثنين، ودخل المدينة يوم الاثنين، ووضع القبر يوم الاثنين، وكذا فتح مكة يوم الاثنين، وانزل عليه سورة المائدة يوم الاثنين¼، ومن قال: المراد من ½اليوم¼ هاهنا مطلق الزمان فليس له خبر بكتب الاحاديث. و½تفرس¼ اي: نظر وعلم بالفراسة، والفراسة قوة يدرك بها الانسان المعاني الباطنة من المخايل الظاهرة، و½فيه¼ متعلق به وضميره راجع الى اليوم، و½الفرس¼ بالرفع فاعله، و½الفرس¼ اسم جمع لاهل فارس، وفارس معرب پارس، وهو اسم لپارس بن ناسور بن سام بن نوح، وهو بلاد كثيرة بناها المزبور، وبلاده المشهورة "شيراز" و"اصفهان"، وقد ورد في مدح اهل فارس حديث رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم حيث قال: ان الله اختار من بين خلقه من العرب قريشا ومن العجم فارسا[2] وفي حديث اخر ابعد الناس عن الاسلام الروم[3] ولوكان الاسلام معلقا بالثريا لتناوله رجال من فارس [4]. و½انهم¼ ½ان¼ مع اسمها وخبرها مفعول ½تفرس¼، والضمير للفرس، و½قد¼ للتحقيق، و½انذروا¼ ماض مجهول من الانذار بمعنى التخويف مع
[1] "صحيح مسلم"، كتاب الصيام، باب استحباب صيام ثلاثة أيام، الحديث: ١١٦٢، صـ ٥٩٠.
[2] "كنز العمال"، كتاب الفضائل، الحديث: ٣٤١٣١، ١٢/٤٢.
[3] "المطالب العالية"، كتاب المناقب، باب ذم العباد، الحديث: ٤١٥٣، ٨/٤٨١.
[4] "سنن الترمذي"،كتاب تفسير القرآن، باب من سورة محمد صلى الله عليه وسلم، الحديث: ٣٢٧٢، ٥/١٧٥