١٥٤ فَانَّ مِنْ جوْدكَ الدنْيَا وَضَرتهَا وَمِنْ عُلُوْمِكَ عِلْمَ اللَّوْح وَالْقَلَمِ
لمّا كان في مضمون البيت الاول خفاء اراد تفسيره وبيانه وتعليله فقال: ½فان من جودك... الخ¼، ½الجود¼ افاضة ما ينبغي لا لعوض ولا لغرض. و½الدنيا¼ بالنصب تقديرا اسم ½ان¼. و½ضرة الدنيا¼ هي الاخرة، وانما سمّاها ضرة لانّ الجمع بينهما متعذر الا ان يوفق الله تعالى كتعسر الجمع بين المراتين كما قال عليه السلام من احب اخرته اضر بدنياه، ومن احب دنياه اضر باخرته[1] الحديث، ومن لطائف ما قيل:
عتبت على الدنيا لتاخير عالم وتقديم ذي جهل فقال خذ العذري
بنو الجهل اولادي لذاك رفعتهم واهل النهى اولاد ضرتي الاخرى
قيل: كون الكونين من جوده لانّه واسطة في فيضان الوجود على الماهيات وسيلان الجود على الموجودات فكان الكونين من جوده او يكون مجازا اي: حصول خيرهما من جودك وبركة شفاعتك، وفي هذا المصراع تلميح الى حديث ½لولاك¼[2] الحديث. وفي قوله: ½ومن علومك¼ عطف على ½من جودك¼، و½العلوم¼ جمع علم، وهو اما بمعناه او بمعنى: المعلوم اي: من معلوماتك علم اللوح والقلم اي: المعلومات الحاصلة منهما. و½علم اللوح¼ بالنصب معطوف على الدنيا، ½اللوح¼ هو الكتاب المبين، ولا يقبل العقل ما فيه من العظمة واللطافة، وما فيه من الحروف والكتابة قيل: ½اللوح¼ اربعة لوح القضاء المصون عن المحو والاثبات، وهو لوح العقل الاول، ولوح القدر اي لوح النفس الناطقة الكلية التي يفصل فيه كليات اللوح الاول، ويتعلق باثباتها، وهو المسمى باللوح المحفوظ، ولوح النفس الجزئية السماوية التي ينقش فيه كل ما في هذا العالم بشكله ومقداره، وهو المسمى بسماء الدنيا، ولوح الهيولى القابلة للصور في عالم الشهادة. و½القلم¼ وهو الذي خلق مقدما على جميع الاشياء، وقد جعل الله له ثلاث مئة وستين سنا كل سن يعرب عن ثلاث مئة وستين صنفا من العلوم الاجمالية فيفصلها في اللوح.