٦٤ كَانَّ بالنَّار مَا بالْمَاءِ مِنْ بلَلٍ حزنًا وَبالْمَاءِ مَا بالنَّار مِنْ ضَرمِ
لَمَّا اراد الناظم الفاهم تكملة البيتين السابقين قال: ½كان بالنار... الخ¼، فالمصراع الاول تكملة للبيت الاخير، والثاني للاول، و½كان¼ من الحروف المشبهة بالفعل، و½بالنار¼ ظرف مستقر خبر ½كان¼ متعلق بحصل المقدر اي: كانه حصل بالنار والمراد من ½النار¼ نار المجوس و½ما¼ موصولة و½بالماء¼ متعلق بمقدر اي: ما حصل بالماء، و½من بلل¼ بيان لـ½ما¼ والمراد من الماء بحيرة ساوة، والمعنى: ان اهل ساوة ظنوا ان الماء الذي عبدوه قد انقطع ويبس وصار بحال كائن كان موضع ذلك الماء موقد نار، وكان البلل الذي حصل بالماء يبس بالنار، ولما كان هذا الظن بعيدا عن الاذعان علله بقوله: ½حزنا¼ اي: لاجل حزن وقع فيهم يظنون مثل هذا الظن. وقوله: ½وبالماء¼ الواو عاطفة، و½الماء¼ معطوف على ½بالنار¼، و½بالنار¼ عطف على ½بالماء¼ من قبيل عطف شيئين بحرف واحد على معمولي عامل واحد، وهو ½كان¼ و½من ضرم¼ بيان لـ½ما¼، و½الضرم¼ التهاب النار واشتعالها، والالف واللام في ½بالنار¼ للعهد اي: نار المجوس التي لم تخمد الف عام، ومعنى هذا المصراع: ان عبدة النار كانوا محزونين حتى ظنوا انه وقع في موقع نارهم بلل حاصل بالماء. فائدة قال في تفسير "روح البيان": ان اول من عبد النار قابيل حيث قتل اخاه هابيل، ونفاه ادم عليه السلام بامر الله الى ارض اليمن، فخرج مع اخته اليها، فجاء الشيطان، فقال: انما اكلت النار قربان هابيل؛ لانه كان يعبد النار فاصطنع انت ايضا نارا، واعبدها، فاصطنع النار، وعبدها، فتبعه بعض الانام من اولاده، واولاد اولاده الى يوم القيام.
٦٥ وَالْجنُّ تهْتفُ وَالانْوَار سَاطِعَةٌ وَالْحقُّ يَظْهَر مِنْ مَّعْنًى وَّمِنْ كَلِمِ
ثم شرع في بيان العلامة السادسة والسابعة فقال: ½والجن تهتف... الخ¼، الواو عاطفة، والجملة معطوفة على سابقها، او الواو حالية و½الجن¼ مقابل الانس، وهو جوهر ناري يتشكل باشكال مختلفة، وانما سموا به لكونهم في الستر عن اعين الناس، و½الجن¼ في اللغة بمعنى الستر قالوا: ان كونهم مستورين عن اعين الناس من نعم الله علينا، وكذا استتار الملائكة، اما الجن: فلكونهم في صور قبيحة غاية القبح حتى لو راهم احد من