عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

والمراد من ½ساوة¼ اهلها، اما بطريق المجاز المرسل بان يكون من قَبيْل ذكر المحل وارادة الحال، او بطريق المجاز الحذفي كقوله تعالى: ﴿ وَسۡ‍َٔلِ ٱلۡقَرۡيَةَ ﴾ [يوسف: ٨٢]، وهي غير منصرفة لكونها مؤنثة وعلما، ثم ان ½ساء¼ ان كان لازما تكون ½ساوة¼ بالرفع فاعلا له، وان متعديا تكون بالنصب مفعوله وفاعله قوله: ½ان غاضت¼ و½غاض¼ بمعنى: غاب يقال: ½غاض الماء¼ اذا غاب و½بحيرتها¼ بالرفع فاعل ½غاضت¼، والضمير الى ساوة و½البحيرة¼ اسم لمياه عظيمة في مملكة "عراق العجم"  بين "همدان" و"قم"، وتركب فيها السفن، ويسافر بها الى ما حولها من البلاد مثل "اذرعات" و"الرى" وما جاوز ذلك وكانت اكثر من ستة فراسخ، وكان ماءها لطيفا لا يشابه مياه سائر البحار، وكان في اطرافها كنائس كثيرة واسواق غفيرة، وكان الكفار يروجون كفرهم عندها، وقيل: كانوا يعبدونها، فلما ولد رسول الله الماحي جميع طرق الكفر غاب ماء تلك البحيرة، ثم اعلم ان في ½البحيرة¼ ايضا مجازا من ذكر المحل وارادة الحال، وفي اضافتها الى الضمير الراجع الى ½ساوة¼ احتراز عن بحيرة طبرية، فانها كانت ايضا على حواليها كنائس معتبرة منقوشة بالذهب، فغاب ماءها وقت ميلاده عليه الصلاة والسلام، وكان غيبوبة ذلك الماء سببا لخرابها واما ساوة فلم تكن خربة بل بنى اهلها في موضع البحيرة مدينة عظيمة، وهي باقية الان كذا رايت في رسالة مصنفة في مولده عليه الصلاة والسلام، وقوله: ½و رد¼ على بناء المفعول و واوه اما للحال او للعطف، فالجملة معطوفة على ½غاضت¼، والمعنى: واحزن اهل ساوة ان رد ...الخ، ولايجوز ان تكون معطوفة على ½ساء¼، والا يلزم ان يكون قوله: ½ورد¼ بيانا لعلامة مستقلة لوقت مولده عليه الصلاة والسلام، ولايكون من تتمة الاولى، وهو باطل، ومن قال: انها معطوفة على جملة ½ساء¼ فقد اساء فتدبر. و½رد¼ بمعنى رجع وانصرف، وقوله: ½واردها¼ بالرفع نائب فاعل لـ½رد¼، والضمير راجع الى البحيرة، و½الوارد¼ بمعنى الذاهب لاخذ الماء وقوله: ½بالغيظ¼ متعلق بـ½رد¼ اي: بالغضب، ورد ان الذاهب الى ماء البحيرة لياخذ الماء، ويذهب به الى بيته جاء الى البحيرة فراى انه قطع ماءها، فرد عنه وانصرف بالغضب حيث كان في يديه كوبان، فلما راى انقطاع الماء ضرب احدهما على الاخر وكسرهما، و½حين ظمي¼ ظرف لـ½الوارد¼ او لـ½رد¼، و½ظمي¼ اصله ظمئ اي: عطش، فحذف همزته لضرورة الشعر.

 


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310