ذهب، وكان للملك الف وزير، فجعلوا حول الحصن الف قصر لكل وزير قصر منها، وجعلوا فيها مجارى الانهار من الفضة، وهي تجري باللبن والخمر والعسل حتى فرغوا من بنائها في ثلاثمئة سنة، ثم اخبروا الملك بفراغهاز فجمع وزراءه واتباعه وانصاره، وساروا اليها فلما دنوا منها على مسيرة يوم وليلة بعث الله عليهم صيحة، فاهلكهم جميعا فلم يبق احد منهم، وروي انه لم يدخل تلك الجنة الا واحد من المسلمين.
٩٣ دامَت لَديْنَا فَفَاقَت كُلَّ مُعْجزةٍ مِنَ النَّبيِّيْنَ اذ جاءَت وَلَمْ تدمِ
ثم شرع في بيان كون الايات فائقة على ايات سائر النبيين والمرسلين فقال: ½دامت لدينا... الخ¼، ضمير ½دامت¼ راجع الى الايات والتقييد بـ½لدينا¼ للاحتراز عما دام عند الله وقام به فانه باق في كل زمان لا يتناهي بل لايجري عليه زمان، والفاء في ½ففاقت¼ فاء النتيجة فما قبلها سبب وعلة لها، فيمكن ان نترتب هاهنا قياسا بان نقول: القران فائق على كل معجزة لان القران جاء ودام وكل معجزة من النبيين جاءت ولم تدم، وكل ما جاء ودام فهو فائق على كل معجزة جاءت ولم تدم، ينتج القران فائق على كل معجزة. و½فاقت¼ بمعنى تفوقت وبرعت، و½كل معجزة¼ بالنصب مفعول فاقت، و½المعجزة¼ امر خارق للعادة يظهر على يد من يدعي النبوة عند تحدي المنكرين على وجه يعجز عن اتيان مثله اعلم! ان ما كان خارقا للعادة ثمانية اقسام: لانه اما ان يصدر عن مؤمن او عن كافر، والاول اما عن النبي، وهو اما ان يصدر قبل البعثة، وهي الارهاصات مثل ما ظهر حين ولادته عليه السلام، او بعد البعثة وهي المعجزات، واما من ولي وهي الكرامات، واما من صالح وهي المعونة، واما من فاسق وهو الاستدراج، والثاني: اما بتعليم وتعلم وهو السحر، واما بلا تعليم وتعلم، فان وافق مطلوبه فهو ابتلاء كما وقع من فرعون والدجال وغيرهما وان لم يوافق فهي الاهانة كما وقع من مسيلمة الكذاب حيث دعا لاعور ليصلح عينه العوراء فاعورت عينه الصحيحة ايضا. والمراد من النبيين المعنى العام للمرسلين على ما فهم من اساليب كلام الناظم. فان قلت: ان في النبيين دخل نبيُّنا عليه السلام ايضا فيلزم فضل معجزته على نفسه وهو باطل؟ قلت: المراد من النبيين من سوى نبينا عليه السلام لانه مستثنى منها بالاستثناء العقلي كما في قوله تعالى: ﴿انَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ