الرياء والعجب في العبادة، وتهلك صاحبها لانه لا يعلم شرها الخفي بسبب لذة العجب والرياء، فان العجب يضر في كل الاحوال ولو كان في غير العبادة والاعمال الا ترى الى ما روي انه لما نظر بعض من اصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الى كثرة العسكر واسلحتهم في غزوة حنين قيل: انه الصديق الاعظم رضي الله تعالى عنه قال اعجابا من الكثرة والشوكة: لا انهزام لنا فيما بعد، ولمّا وصل الى سمعه صلى الله تعالى عليه وسلم كره ذلك فرفع الله النصرة في اول تلك الغزوة تاديبا لهم بان الكثرة لا تغني شيئا بدون نصرة الله تعالى، قال الله تعالى: ﴿ لَقَدۡ نَصَركُمُ ٱللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثيرةٖ وَيَوۡمَ حنَيۡنٍ اذۡ اعۡجبتۡكُمۡ كَثۡرتكُمۡ﴾ الاية [التوبة: ٢٥]، واما الرياء فانظر الى ما في اسرائيليات ان حكيما صنف ثلاثمئة وستين كتابا، فاوحى الله الى نبيهم ان قل له: قد ملات الارض نفاقا، ولم تردني بشيء من ذلك، ولا اقبل منه شيئا فندم وترك وخالط العامة وتواضع، فاوحى الله اليه ان قل له الان: قد وافقت رضاي انتهى، وايضا الى حديث انّ اخوف ما اخاف عليكم الشرك الاصغر قالوا: وما الشرك الاصغر يارسول الله؟ قال: الرياء يقول الله تعالى يوم القيامة: انا اجازى العباد باعمالهم اذهبوا الى الذين كنتم تراؤن لهم في الدنيا[1]، وفي حديث اخر طويل ان الله يقول للملائكة: ان هذا لم يردني بعمله، فاجعلوه في سجين[2].
٢٢ وَاخشَ الدسَائِسَ مِنْ جوْعٍ وَّمِنْ شَبعٍ فَرب مَخمَصَةٍ شَر مِّنَ التخمِ
لَمَّا بين انّ النفس يلزم حفظها وترقبها في العبادات لئلا تقع في الفسادات شرع في بيان لزوم ترقبها وحفظها بين المباحات التي لا بد للسالك منها في الحالات، فقال: ½واخش... الخ¼، الواو عاطفة ويحتمل ان تكون استينافية معانية، ويكون جوابا لسؤال مقدر كانّه قيل: فبايّ شيء تستعمل النفس حتى تصلح؟ فقال مجيبا: ½واخش الدسائس¼ اي: اجعلها بين الجوع والشبع، و½اخش¼ امر من ½خشي يخشى¼ من الباب الرابع، وصيغة الامر هاهنا للتاديب او للارشاد؛ لانّهم بيّنوا انّ للامر معان على ستة عشر وجها،