عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

يدرك خياله في النوم، والمراد به رسول الله عليه السلام او بكسر اللام على انه اسم فاعل بمعنى البالغ العاقل.

وحاصل معنى البيت: ان ذلك الوحي الذي كان في رؤياه في ابتداء نبوته في بدء بدور رسالته، فليس ينكر في ذلك الزمان، وبلوغ ذلك الاوان حال من بلغ مبلغ الرجال موصوف باوصاف الكمال من دعوى الوحي في المنام فانه من مقدمات الوحي الحقيقي له عليه السلام، فان قلت: لم ابتدا عليه السلام بالوحي المنامي، ولم يجيء له وحي ظاهري اولا؟ قلت: لانه لو جاء اليه الملك بالوحي الظاهري بغتة لاحتمل ان لا يحتمله القوي البشرية فبدئ بها باوائل خصال النبوة وتباشير الكرامة بخلاف سائر الانبياء فانهم كانوا يعرفون نزول الوحي من تعليم كتب الاسلاف، ونبينا عليه السلام لم يقرا حرفا من كتب سائر الانبياء المتصِفين بكمال الاوصاف عليهم الصلاة عدد الكاف والقاف.

 

٨٤     تباركَ اللّٰهُ مَا وَحيٌ بمُكْتسَب        وَلا نَبيٌّ عَلَى غَيْب بمُتهَمِ

 

لَمَّا توهم من البيت السابق ان يسئل بانه لِمَ لَمْ تكن رؤياه في جميع اوقاته وحيا واخر الى سن الاربعينية ولِمَ لَم يكتسب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم النبوة في حاله الاولى؟ دفعه مشيرا الى ان الوحي والنبوة بمحض عناية الله تعالى لا بالكسب واخبارهم عن المغيبات انما هو باعلام الله تعالى فقال: ½تبارك الله ما وحي... الخ¼ ½تبارك الله¼ للتعجيب، و½تبارك¼ من البركة، وهو كثرة الخير، ومعناه تزايد على كل شيء، وتعالى وتعاظم في صفاته وافعاله، قال المولى الفناري في تفسير الفاتحة: يروى ان الصاحب بن عباد كان يتردد في معنى الرقيم وتبارك والمتاع ويدور على قبائل العرب، فسمع امراة تسال ابنها اين المتاع؟ ويجيب ابنها الصغير بقوله: جاء الرقيم واخذ المتاع وتبارك الجبل، فاستفسر عنهم، وعرف ان الرقيم الكلب، وان المتاع هو ما يبل بالماء فيمسح به القصاع، وان تبارك بمعنى صعد. قيل: معنى ½تبارك¼ دام دواما ثابتا لا انتقال له، ولهذا لايقال: يتبارك مضارعا لانه للانتقال، قال في البرهان، ان هذه لفظة لاتستعمل الا لله تعالى ولاتستعمل الا بلفظ الماضي انتهى. وانما خص ذكره بهذه الموضع لان ما بعده امر عظيم وقوله: ½ما وحي بمكتسب... الخ¼  اي: لم يكن وحي اصلا في زمان من الازمنة بكسب كاسب


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310